الثاني شرع من قبلنا وقد دل الدليل على أنه شرع لنا مثل القصاص {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى آخره، {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} يعني في التوراة {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إذاً هذا الحكم هو شرع من قبلنا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى} حينئذ هذا دل على أن شرع من قبلنا أيضاً هو شرع لنا وهذا بالإجماع ولا خلاف فيه أن شرع من قبلنا شرع لنا لكن لا يُستدل بشرع من قبلنا بل يُستدل أنه شريعة الرب بالآيات الواردة أن القصاص هذا ثابت في شرعنا كذلك الصيام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} إذاً الصيام مشروع لمن قبلنا بدليل الكتاب فحينئذ كتابته علينا إيجابه علينا بالإجماع أنه شرع لنا ولا خلاف إذاً هذا النوع الثاني يقابل النوع الأول وهو أن السابق أنه ليس شرعاً لنا بإجماع هذه المرتبة الثانية أنه شرع لنا بالإجماع، الثالث شرع لم يُذكر في شرعنا لأن العبرة في الحكم بكونه شرعاً لنا لابد له من مستند صحيح فما أُخذ من الإسرائيليات ولم شرعنا بأنه شرع لمن قبلنا فهذا ليس بمصدق وليس بمُكذَب فليس شريعة لنا بالإجماع لماذا؟ لورود النصوص الدالة على أن الأخبار التي تُؤخَذ من بني إسرائيل لا تصدقوها ولا تكذبوها كما جاء في عدة أحاديث إذاً هذا لم يُذكَر بأنه شرع لمن قبلنا لأن المستند في إثبات شرع من قبلنا هو أن يرد ذكره في الكتاب والسنة لابد أن يكون ثابتاً بطريق صحيح وليس عندنا طريق صحيح في إثبات الشرائع السابقة إلا الوحي فما ثبت في الوحي أنه شرع لمن قبلنا حينئذ نُثبت أنه شرع لمن قبلنا ثم يرد هل نُسخ هل جاء ما يؤيده في شرعنا إلى آخره، فما لم يُذكَر في شرعنا كالمأخوذ من الإسرائيليات هذا ليس شرعاً لنا باتفاق لذا نُهينا عن تصديق أهل الكتاب أو تكذبيهم لماذا؟ لأنه يحتمل إذا لم يُذكَر في شريعتنا أنه شرع من قبلنا فحينئذ إذا صُدِّق يحتمل أنه كذب وإذا كُذِّب يحتمل أنه كذب حينئذ لما لم يثبت بطريق صحيح لم يجز تصديقهم ولا تكذيبهم، الرابع شرع لمن قبلنا بأن ذكر في الكتاب والسنة ولم يرد ما يدل على أنه شرع لنا أو ليس بشرع لنا ذُكر في الكتاب والسنة على أنه شرع لمن قبلنا ولم يرد أنه ليس بشرع لنا أو أنه شرع لنا لم يرد أنه ليس بشرع لنا كما نُسخ من الآصال والأغلال ولم يرد أنه شرع لنا كما جاء في القصاص والصيام هذا هو محل النزاع بين الأصوليين هل هو شرع لنا أم لا؟ إذاً طرفان وواسطة طرفان شرع لنا باتفاق ليس شرعاً لنا باتفاق وواسطة لكن يُخرَج ما ليس مذكورا في الكتاب والسنة ويُجعَل في الطرف المنفي لأن المراحل أربعة اثنان ليس بشرع لنا وهو فيما إذا دل الدليل على نسخه أو يُذكَر في شرعنا هاتان الحالتان بالإجماع أنهما ليسا شرعاً لنا وما هو أو ما ثبت في شرعنا أنه ليس شرعاً لنا كالصيام والقصاص هذا بالإجماع أنه شرع لنا إذاً هذان طرفان متقابلان بالإثبات والنفي وكلامهما مُجمَع عليهما عند أهل العلم بقي الواسطة