وإذا اختلف الصحابة - رضي الله عنهم - على قولين لم يجز إحداث قول ثالث عند الجمهور لماذا؟ إذا اختلف الصحابة في مسألة ما على قولين قيل مُباح وقيل مكروه هل يجوز أن يأتي ثالث بعدهم فيقول لا بل مُحرم؟ نقول لا لا يجوز لماذا؟ لأن اتفاقهم وإجماعهم على القولين حصر للحق في أحد القولين وإذا جُوِّز أن يكون الحق في غير القولين لجاز أن يخلو هذا العصر من ناطق بالحق وهذا باطل فحينئذ إذا اختلف الصحابة على قولين لم يجز لمن بعدهم إحداث قول ثالث عند الجمهور لأن اختلافهم حصر للحق في ذين ذي القولين فلو جُوِّز وجود قول ثالث حينئذ يلزم منه أن ذلك العصر خلا عن هذا القول فلو قيل مكروه وقيل مباح ثم جاء ثالث بعدهم بزمن بعد انقراض عصر الصحابة قال محرم إذاً التحريم لو كان حقاً لكان ذاك العصر قد خلا عن ذلك الحكم وهذا باطل لهذا اللازم قالوا لا يجوز إحداث قول ثالث عند الجمهور، وقال بعض الحنفية والظاهرية يجوز لأن المختلفين لم يُصرحوا بتحريم قول ثالث فجاز إحداثه والأول هو الأصح أنه لا يجوز، لكن اختلفوا في إحداث قول متوسط يعني يكون القول بالمنع والثاني بالجواز فيأتي ثالث يأخذ بعض هذا القول وبعض القول الآخر هي جوز أو لا؟ هذا محل خلاف قولان مس الذكر ناقض للوضوء مس الذكر لا ينقض الوضوء قولان متقابلان قال بهذا بعضهم وقال بهذا بعضهم جاء ثالث بعضهم قال إن مس بشهوة فناقض وإلا فلا هذا قول ثالث مستقل أو بعض ذاك القول وبعض هذا القول هذا متوسط أخذ من هذا وأخذ من هذا وهذه طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كثيراً ما يقول هذا قول بعضهم قول الإمام أحمد وهذا قول بعضهم أبي حنيفة مثلاً وهذه مسألة فيها نزاع.