ثم قال وإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة هل يعتبر إجماعاً أو لا؟ الصحابة اختلفوا على قولين ثم أجمع التابعون على أحد القولين هل يعتبر إجماعاً أم لا؟ الصواب أنه لا يعتبر إجماعاً لماذا؟ لأن شرط الإجماع ألا يكون مسبوقاً بخلاف لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها فيبقى القول ولو مات صاحبه حينئذ يعتبر القول كما لو وُجد قائله فالأقوال لا تموت بموت أصحابها حينئذ إذا اختلف الصحابة على قولين لا يمكن دعوى الإجماع بعدهم نعم يمكن تقييده يُقال أُجمع على أحد القولين لا إشكال أما إطلاق الإجماع فيُراد به الإجماع الصحيح فلا، وإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة هل يعتبر إجماعاً أو لا؟ نقول إذا ثبت الخلاف قبل الإجماع أو قبل ما يمكن أن يسمى بالإجماع فلا إجماع بعده إطلاقاً لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها ولا مانع أن يُقال انعقد الإجماع بعد الخلاف لابد من إشهار انعقد الإجماع بعد الخلاف لا بأس بهذه العبارة لأنه إجماع مُقيد يُفهَم منه أنه ثم خلاف ثم بعد ذلك حصل نوع تكرار، قال اعتبره أبو الخطاب هذا هو القول الأول يعني اعتبره إجماعاً لأنه اتفاق من أهل العصر الثاني وقد دل الدليل على كونه معصوماً من الخطأ كما لو اتفق الصحابة على أحد القولين يعني كأنه نزَّل حقيقة الإجماع حيث التعريف عليه لكن نقول اتفاق علماء العصر هنا لم يحصل اتفاق لماذا؟ لوجود الخلاف ولو وُجد القول دون قائله إذاً دعوى الاتفاق ليس فيه اتفاق فحقيقة الإجماع منتفية وكون التابعين أجمعوا نقول لم يُجمعوا لماذا؟ لأن القول الآخر موجود سواء مات قائله أم بقي أليس كذلك؟ إذاً لم يوجد حقيقة الاتفاق لأنه اتفاق من أهل العصر الثاني وقد دل دليل على كونه معصوماً من الخطأ كما لو اتفق الصحابة على أحد القولين نقول النص ليس باتفاق، اعتبره أبو الخطاب والحنفية، وقال القاضي وهو القول الآخر وبعض الشافعية ليس بإجماع وهذا هو الصحيح ليس بإجماع فيجوز حينئذ الأخذ بالقول الآخر على خلاف القول السابق إذا قيل إجماع معناه القول الآخر يُطرَح لا يجوز الأخذ به وإذا قيل ليس بإجماع جاز للمخالف أن يأخذ بالقول الآخر ولو اُدعي الإجماع إجماع التابعين حينئذ القول الآخر لا يكون مُطرحاً، ليس بإجماع فيجوز الأخذ بالقول الآخر لأن المذاهب لا تموت بموت أصحابها، ثم قال والتابعي معتبر في عصر الصحابة عند الجمهور خلافاً للقاضي إذا قيل إجماع الصحابة اتفاق علماء العصر لو وُجد تابعي معتبر مُجتهد وُجدت فيه آلة الاجتهاد وأدرك أكثر الصحابة واتفق الصحابة وخالف التابعين هل يعتبر نقلاً للإجماع أم لا؟ فيه خلاف خل التابعي المُؤهَّل للخلاف من الصحابة وقوله معتبر لبلوغه رتبة الاجتهاد هل خلافه معتبر في إسقاط اتفاق الصحابة أم لا؟ المسألة فيها خلاف، والتابعي معتبر متى إذا بلغ رتبة الاجتهاد في عصر الصحابة فإنه يُعتَد به في الإجماع لذلك قال معتبر في عصر الصحابة عند الجمهور وهو رواية عند الإمام أحمد لأنه مُجتهد من علماء الأمة فلا طريق حينئذ إلى عدم اعتباره وإذا أُعتبر قولهم في الاجتهاد فليعتبر في الإجماع لأن الصحابة أفتوا وكبار التابعين كسعيد بن المسيب وغيره أفتوا في عهد الصحابة وسكت