ثم قال والرفع أراد أن يبين بعض المحترزات وهذا خرج عن عادته لأنه لم يعتد أن يبين محترزات الحد ولكنها ذكرها هنا خروجاً عن الأصل، والرفع الذي أُخرج جنساً في حد النسخ لأنه قال وهو رفع الحكم ما المراد بالرفع؟ قال الرفع إزالة الشيء ونحن قلنا النسخ في اللغة هو الإزالة الإزالة إذاً حقق المعنى اللغوي كما ذكرناه سابقاً أنه يُذكر في أول الاصطلاحات المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لماذا؟ لبيان العلاقة بينهما لأنه لا يمكن أن يكون المعنى الاصطلاحي مبايناً للمعنى اللغوي من كل وجه وإنما لابد من الاشتراك فيكون حينئذ المعنى اللغوي أعم من المعنى الاصطلاحي هذا هو الغالب لذلك النسخ في اللغة الإزالة إزالة أي شيء؟ إزالة الماء من الكوب إزالة الفرش من المسجد إزالة كذا إلى آخره ما لا يُحصى كل ما يصح التعبير عنه بالإزالة فيصح أن يكون نسخ بالمعنى اللغوي لكن في الشرع هنا في الاصطلاح رفع إزالة حكم شرعي فقيد إذاً ليس على إطلاقه إذاً الرفع ما هو؟ قال إزالة الشيء على وجه يعني على حال وعل طريقة لولاه لولا تلك الإزالة أو ذلك الرفع لبقي ثابتاً كما هو يعني لولا إزالة ورفع الحكم بتوجه المصلي مستقبلاً لبيت المقدس لولا الرافع والناسخ لبقي الحكم كما هو أليس كذلك لولا مجيء {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} لبقينا نصلي إلى جهة بيت المقدس إذاً ما المراد هنا بالإزالة؟ نقول المراد بها تغيير الحكم من الإباحة أو التحريم أو العكس أو من الإيجاب إلى الندب أو غير ذلك إذاً الحكم لم يبقى على أصله بل غُير لكن بشروط يذكرها أهل الأصول، الرفع احترز به عن ماذا الذي هو الإزالة الذي هو التغيير تغيير الحكم من إيجاب إلى تحريم مثلوا له بنص الصدقة وجوب الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المناجاة كان واجباً ثم صار مباحاً إذاً تغير الحكم أم لا؟ تغير الحكم أُزيل الحكم الأول أم لا؟ رُفع الحكم الأول أو لا؟ نقول نعم رُفع ولم يبقى على أصله، لولا قوله {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا} لبقي النص دالاً على ما دلَّ عليه ولا بقي النص دالاً على إيجاب الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المناجاة إذاً ما الفائدة من هذا القيد؟ قال ليخرج زوال الحكم بخروج وقته إذاً رفع الحكم الثابت مراداً به أو احترز به عن زوال الحكم بخروج وقته أي انتهاء وقت الحكم قد يكون الحكم واجباً ثم بعد ذلك يزول ويرتفع ويتغير من إيجاب إلى إباحة لكن لا لكون الحكم قد رُفع وإنما لانتهاء وقته كأن يكون مؤقتاً بوقت معين كالجمعة مثلاً الجمعة واجبة بشرطها فلو تُعمد وخرج الوقت حينئذ نقول ارتفع الحكم وهو إيجاب الجمعة لم ارتفع الحكم ووجب الجمعة؟ لأن الجمعة لا تُقضى حينئذ ليست بواجبة وإنما يأثم ويصليها ظهراً، ليخرج زوال الحكم بخروج وقته أي انتهاء وقت الحكم لا يسمى نسخاً فحينئذ عدم إيجاب الجمعة لمن أخرجها عن وقتها لا نقول هذا رفع للحكم وهو نسخ بل نقول رفع للحكم نعم لكنه ليس بنسخ وإنما هو لزوال أو لانتهاء وقت الحكم لأن الحكم هنا مؤقت فإذا خرج الوقت حينئذ نقول زال الحكم وارتفع لا لكون الحكم قد نُسخ وإنما لخروج وقته كمن أخرج الجمعة عن وقتها