مثل (صحيحاً) في قوله ((لا عمل إلا بنيّة)) أي لا عمل صحيح لأن صور الأعمال يمكن وجودها بلا نية فكان إضمار الصحة من ضرورة صدق التكلم أو النوع الثاني يعني إضمار الضروري لصدق المتكلم أو يكون الإضمار ضرورياً لأجل اللام هنا للتعليل ليوجد الملفوظ به شرعاً أو عقلاً يعني يتوقف عليه صدق اللفظ عقلاً {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} اللفظ هنا على ظاهره القرية ما تُسأل إذاً لابد من محذوف {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ} العير تُسأل أم لا تُسأل؟ وإنما لابد من تقديره محذوفه وسال أهل القرية هذا بالعقل أو الشرع كما سيذكره المصنف، إذاً أو ليوجد الملفوظ به هذا معطوف على قوله لصدق المتكلم يعني الإضمار ضروري لأجل صدق المتكلم لصحة صدق المتكلم، وضروري كذلك لصحة وقوع الملفوظ به يعني يتوقف عليه صحة الكلام إما شرعاً وإما عقلاً، شرعاً مثل فأفطر لقوله تعالى {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} هذا في القضاء إنما يكون لمن؟ للمُفطر أما من كان مسافراً أو مريضاً ولم يُفطر نقول لا يجب عليه القضاء وإنما يجب عليه القضاء إذا أفطر مع أن ظاهر النص {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} إذاً {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً} ودخل عليه رمضان وهو مريض {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وجب عليه القضاء وبه قال ابن حزم رحمه الله سواء أفطر أو لم يفطر لكن نقول هذا شرعاً لابد تصحيحه ظاهره ليس مراد {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي فأفطر لأنه لا قضاء لمن صام في شهر رمضان ولو كان مريضاً أو على سفر لا قضاء شرعاً لمن صام في رمضان سواء كان صحيحاً وهذا لا إشكال فيه أو كان مريضاً أو مسافراً وأما النص فظاهره مطلقاً أنه يلزمه القضاء ولو لم يطفر نقول لا لابد من التقدير {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي أفطر لأن القضاء لا يكون إلا للمُفطر، فلأجل أن يُوجد الملفوظ به شرعاً وهو القضاء لابد من الإضمار هنا، ومثل قوله تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} ولو لم يحلق رأسه نقول لا فحلق رأسه ففديه {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} لزمته الفدية مباشرة نقول لا ليس هذا المراد لتصحيح الحكم المترتب على هذا اللفظ لابد من تقدير هذا اللفظ فنقول {فَفِدْيَةٌ} أي فحلق رأسه ففدية أي فعليه فدية مبتدأ محذوف {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فأفطر {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.