قال ويتعلق بالمعدوم ما هو الذي يتعلق بالمعدوم؟ الأمر يعني ما لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو تنزل الوحي هل هو مأمور أو لا؟ نقول نعم هو مأمور ومُجه إليه الخطاب لكن بشرط استجماع شروط التكليف وهذه المسالة يقع فيها خلاف مع قوله جل وعلا {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} يعني من بلغه القرآن إذاً الإنذار هنا وقع لمن؟ للمخاطبين الموجودين وهم الصحابة ووقع الإنذار ووقع به المعدوم بشرط وجوده مستجمعاً لشروط التكليف ولا إشكال والمعتزلة عندهم اعتراضات أنه من تكليف المحال وأنه لا يمكن أن يخاطب المعود والمعدوم ليس بشيء فكيف يمكن خطابه نقول لا المعدوم إن خُوطب ومراد به الإيجاد فنعم هذا محال معدوم هو معدوم فيقال له صلي يقوم يصلي؟ هذا باطل ما هو المراد هذا وإنما المراد أنه إن وُجد مستجمعاً لشروط التكليف كان مكلفاً ويتعلق بالمعدوم ولذلك أجمعوا على أن أول هذه الأمة وآخرها سواء في الأوامر والنواهي وبهذا أجمع الصحابة لأنهم نزلوا الأحكام والآيات والأوامر على التابعين ولم يقل أحد منهم أكنت معدوماً فلم تُخاطَب ولم يقل أحد من الصحابة للتابعين كنت معدوماً فلم تخاطب وإنما أجروا عليهم الأحكام كلها والنواهي ولذلك جاء الحديث مخاطباً لهم (تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر ... إلى آخر الحديث) تقاتلون اليهود وهم لن يقاتلهم الصحابة. خلافاً للمعتزلة وجماعة من الحنفية قالوا أنه لا يجوز لأنه تكليف بالمحال وكأنهم نظروا إلى أن الخطاب موجه مع إيجاد الفعل بقطع النظر عن الشرط الذي ذكره الجمهور وهو أنه يوجد مع استيفاء الشروط. ثم قال ويجوز أمر المكلف بما عُلِمَ أنه لا يتمكن من فعله وعليه الجمهور هذا قول الجمهور يعني يجوز الأمر من الله جل وعلا للمكلف بما يعلم سبحانه أنه لا يتمكن من فعله يعلم الله - عز وجل - أنه لا يتمكن من فعله فيأمره يمكن أو لا يمكن؟ يجوز نعم بدليل ماذا؟ بدليل أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه أمره بذبح ابنه ومع ذلك ومع ذلك يعلم الرب أنه لن يتمكن من الفعل ما الفائدة في هذا؟ نقول فعل العبادة تكون أو العبادة بالفعل وقد تكون بالعزم والنية وبامتثال أمر الله والتسليم له وبحصول الابتلاء إذاً ثم فوائد وليس الفعل نفيه فقط هو العبادة فحينئذ إذا مُنع من أن يُمكَن من الفعل نقول حصل نوع تعبد وهو امتثاله عليه السلام العزم على ذلك تحقيق الابتلاء ولذلك قال {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ} هو بلاء إذاً فيه فائدة ليست منحصرة في الفعل نفسه ويجوز أمر المكلف بما عُلم أنه لا يتمكن من فعله وهذا قلنا عليه الجمهور، وهي مبنية هذه المسألة على النسخ قبل التمكن من الفعل هل يجوز النسخ قبل أن يُتمَكن من الفعل؟ هذا سيأتينا أنه يجوز على الأصح وهذه المسألة مُفرعة عليها.