إذاً الأمر أمران عندهم أمر النفس الذي يعرفونه بالاقتضاء والاستدعاء ونص على ذلك الزركشي بتصنيف المسائل من قال من أراد الأمر النفسي صدر الحد بالاقتضاء أو الاستدعاء ولذلك نُنكر مثل هذه التعاريف وإنما نصدره للفظ مباشرة لأنه ليس عندنا أمر أعم من اللفظ إلا إذا كان حقيقة الشرعية فيُطلق الأمر مراداً به القول ومارداً به الإشارة والفعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأما ألأمر اللغوي فهو مرادف للفظ الدال على الطلب هذا الذي حُد به النفسي وما عليه دل قل لفظي الذي هو افعل، فافعل عندهم ليس أمراً وإنما هو دليل على الأمر وهذا باطل القول بأن الكلام هو الكلام النفسي الشيء القائم في النفس هذا باطل ولذلك الرب جل وعلا قال - سبحانه وتعالى - {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} إذاً المسموع الذي يسمعه المستجير المشرك ما هو كلام الله لفظ ومعنى، {َقالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً {10} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أوحى غليهم إذاً فيه معنى قائم في النفس مع أنه قال {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} دلَّ على ماذا؟ على أن المعنى القائم في النفس الذي أشار إليه ليس بكلام وإنما حديث نفس {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} يدل على ماذا؟ على أن المعنى القائم في النفس المقترن بالإشارة ليس بكلام {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً} ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - عُفي لأمتي الخطأ والنسيان وما حدثت بها نفسها أو أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل، إذاً ما لم تتكلم وصرح بحديث النفسي حينئذ نقول ماذا حديث النفس المعنى القائم بالنفس لا يسمى كلاماً ولذلك جرى العرف وأطلق أهل العرف على أن ما يقابل المتكلم إما ساكت أو أخرس الذي لم يتكلم إما ساكت أو أخرس أنتم الآن تستمعوا وأنا أتكلم وأنتم تستمعون إذاً لو كان كل من جرى في نفسه حديث نفس فالكل متكلم ولذلك لو حدث الإنسان نفسه بالصلاة على كلامه نقول قد تكلم فبطلت صلاته مع أن إجماع الفقهاء على أن حديث النفس لا يُبطل الصلاة كذلك لو حلف عليه يمين ألا يدخل بيت زيد وحدث نفسه بالدخول أو أنه لا يتكلم بكذا هذا أجود فحدث نفسه بأن يتكلم نقول لا يحنث بإجماع الفقهاء، على كل دل دليل الكتاب والسنة على أن حديث النفس لا يمسى كلاماً ومن تخيل الكلام معنى قائماً بالنفس أنكر الصيغة وليس بشيء يعني قوله هذا ليس بشيء لأنه مخالف للإجماع مخالف للكتاب والسنة والعرف.