أن الاستثناء إذا أريد به كل جملة حينئذ يُؤتى به بعد كل جملة أو تُذكر الجمل أولاً ثم يُذكر الاستثناء عائداً على الجميع الثاني هو المنقول وهو الفصيح وهو الأقرب فمقتضاها حينئذ أي الفصاحة العودة إلى الكل ولأن الشرط يعود إلى الكل فكذلك الاستثناء فلو قال نسائي طوالق وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً نسائي طوالق وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً إن كلمت زيداً هذا شرط إن قلنا أنه يعود على الأخير النساء طوالق مطلقاً وكلمت زيداً لا والعبيد لا مقرون بشرط وهو تكليم زيد لكن نقول الشرط على الأصح عند الجمهور يعود إلى الكل فحينئذ نسائي طوالق إن كلمت زيداً وعبيدي أحرار إن كلمت زيداً كما عاد الشرط إلى الكل كذلك الاستثناء لأنه مخصص متصل فكذا الاستثناء لافتقارهما لمتعلق ولهذا يسمى التعليق بمشيئة الله تعالى استثناء هذا جملة ما ذكره الجمهور.
وقال الحنفية إلى الأقرب يعني أقرب مذكور الجملة الأخيرة يعني لا يرتفع الحكم بعدم قبول الشهادة بالتوبة بل يكون تائباً ولا تُقبَل شهادته لماذا؟ قالوا لأن الفصل وقع بين كل جملتين بين الجمل بحرف العطف فأشبه الفصل بكلام أجنبي لأنه فُصل بين كل جملة بحرف العطف فحينئذ أشبه الفصل بكلام أجنبي نقول هذا ليس بصحيح بل حرف العطف كاسمه عطف يعطف ما بعده على ما قبله إلا فيما إذا كان يُشرِّكه في الحكم دون المعنى ولذلك تُقسَّم حروف العطف إلى قسمين مُشرِّك للحكم يعني ما بعده لما قبله في الحكم والمعنى يعني في الإعراب والمعنى وهذا سائر حروف العطف وغما أن يكون مُشرِّكاً له في الحكم فقط دون المعنى يعني في الإعراب دون المعنى وهذا ثلاثة (لا وبل ولكن) وما عداه فالأصل أنها مُشرِّكة المعنى والحكم ولذلك نقول الأصل في الجمل المتعاطفة أنها بالمعنى أنها محمولة على معنى واحد ولا يُقال بالفصل إلا إذا دل دليل.
ثم قال وهو من الإثبات نفي ومن النفي إثبات، وهو أي الاستثناء من الإثبات نفي وهذا حُكي عليه الاتفاق قام القوم إلا زيداً قام القوم جملة مثبتة أو منفية؟ مثبتة حينئذ يكون حكم المستثنى النفي، ما قام القوم إلا زيداً ما قام القوم مثبتة أو منفية؟ منفية إذاً حكم المستثنى الإثبات وهذا قول الجمهور وعند الحنفية بل إثبات واسطة وهو عدم الحكم فيكون حينئذ المستثنى غير محكوم عليه مسكوت عنه كما هو الكسائي الذي ذكرناه سابقاً هذا في النفي فقط أما الإثبات هذا يكاد يكون الاتفاق أما الاستثناء من النفي هل هو إثبات أم لا؟ هذا محل الجمهور على أنه إثبات، ما قام القوم إلا زيداً ما قام القوم إلا زيداً إلا زيداً يجوز الوجهان بدلية والنص على الاستثناء، ما قوم القوم إلا زيداً إذاً إثبات القيام لزيد لأن الجملة منفية عند الكسائي وتبعه الأحناف زيداً وزيد مسكوت عنه ليس محكوماً لا بإثبات ولا بنفي نحتاج إلى قرينة خارجة وهذا يكاد يكون مخالفاً لإجماع أهل اللغة وهو من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات هذا ما يتعلق بالمستثنى ثم شرع في بيان المطلق وهذا يأتينا الحديث عنه بإذن الله تعالى، وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.