يجوز استثناء الأكثر وبعضهم يستدل بالآية أو الدليل المركب من الآيتين {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} هكذا قال إبليس {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} مع قوله {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} أيهم أعم وأيهما أخص؟ {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ}؟ الغاوون أكثر أم الصالحون؟ الغاوون إذاً قوله {إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ} هذا أكثر من قوله بعد الإخراج {إِنَّ عِبَادِي} يكون أكثر أم لا؟ يكون أكثر حينئذ صح الاستثناء استثناء الأكثر من اللفظ العام لكن أجاب بعضهم أن {عِبَادِي} لفظ عام جمع مضاف والجمع المضاف كما سبق أنه يعم فحينئذ يعم الملائكة ويعم الصالحين من الثقلين الإنس والجن فحينئذ أيها أكثر؟ الصالحون {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} فيكون استثناء الأقل من الأكثر لكن لو صح سُلِّم هذا نقول عكس الآية في السابق {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} فصار المُخلَصون أقل من الغاوين قطعاً فحينئذ لو قيل {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ} عباد مُضاف فيعم الصالحين من الملائكة وغيرهم فصار أيضاً مؤكداً أنه استثناء الأكثر من الأقل على كل الصواب أنه جائز أني كون المستثنى أقل من النصف كقوله له علي عشرة إلا أربعة أو قال إلا ثلاثة أو إلا اثنتين أو إلا واحد حينئذ يجوز وهذا بإجماع لا خلاف لأنه الذي سُمع من لغة العرب هو المسموع من لغة العرب، وفي النصف وجهان يعني استثناء النصف له علي عشرة إلا خمسة هذا فيه وجهان قيل يصح وقيل لا يصح والمذهب الجواز يعني الراجح عند الحنابلة الجواز قال في الإنصاف وهو المذهب وهو أي استثناء النصف وهو المذهب وهو قول الجمهور {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ {1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً {2} نِصْفَهُ} استثنى النصف وبعضهم منع لأنه لم يرد عن لغة العرب والصواب أنه جائز. وأجاز الأكثرون الأكثر يعني استثناء الأكثر أما استثناء الكل من الكل أو المستغرق نقول هذا باطل باتفاق قال ابن قدامة رحمه الله تعالى ولا نعلم خلاف بأنه لا يجوز استثناء الكل ولذلك لو قال زوجته طالق إلا ثلاثة ثلاثاً إلا ثلاثة زوجته طالق ثلاثاً إلا ثلاثة قال لها أنتِ طالق ثلاثاً إلا ثلاثة كم يقع؟ ثلاثة لو قال أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة تقع الثلاثة على قول الجمهور لأن إلا ثلاثاً هذا باطل لا يُحسَب لو قال أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة إلا اثنتين كم يقع؟ واحدة أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة إلا واحدة تقع اثنتين أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثة باطل إلا إذا أردفه بما يصححه فحينئذ يصح ويُجعَل قوله إلا ثلاثة الثانية مُلغاة كأنها غير موجودة كأن التركيب عندئذ أنت طالق ثلاثاً إلا اثنتين أو إلا واحدة.