دليل شرعي مع دليل شرعي فتُجري قاعدة التعارض فإذا كان هذا عام حديث أبي سعيد ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) ولو كان دون القلتين نقول لا حديث مفهوم حديث ابن عمر أن كان دون القلتين ينجس بمجرد الملاقاة فيُخصص حديث أبي سعيد بمفهوم ابن عمر كالحديث الذي ذكرناه إنما ذكرته لن بعضهم يرى أن إذا تعارض منطوق ومفهوم قال المنطوق أقوى فيُقدَّم على المفهوم وهذا غير صحيح بل لو كان المنطوق يعني تقيد هذه القاعدة لو كان المنطوق خاصاً فعارض خاصاً في محل الصورة يكون كلام سليم لا نعارض نقول هذا حق لأنه لا يمكن الجمع فنقدم المنطوق الخاص على المفهوم الخاص أما إذا كان المنطوق عاماً فلا والجمهور على هذا على أنه يخصص العام اللفظ العام بالمفهوم سواء كان موافقاً أو مخالفاً وهو الذي معناه الآن.
والمفهومُ كخروج المعلوفة بقوله - صلى الله عليه وسلم - ((في سائمة الغنم زكاة)) من قوله ((في أربعين شاة)) وفعله - صلى الله عليه وسلم - وتقريره، فعله مثّل بعضهم بماذا بقوله جل وعلا {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} البقرة222، هذا مخصص بماذا؟ بحديث عائشة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرها فتأتزر وهي حائض فيباشرها وهي حائض هل هو قائل عائشة المخصص أم فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعل عائشة ليس هو المخصص كما قد يُظَن لا كان يأمرها فتأتزر فيباشرها المباشرة هي فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هي المخصص لقوله {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} لكن يرد السؤال هنا أين العام هنا {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ}؟ الفعل المضارع إذا وقع في سياق الشرط أو النهي أو النفي نقول صار في صيغ العموم كالنكرة إذا وقع في سياق النفي أو النهي نقول تعم لا صلاة عام كل صلاة لمنفرد إمام مأموم صلاة نافلة صلاة فرض إلى آخره نقول هذه عام كذلك إذا قال {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} نقول هذا نهي عن أي قربان كل قربان سواء كان بوطء الجماع أو غيره مطلقاً ولو مماسة ولو أن يمسها هكذا نقول هذا منهي عنه لكن جاءت السنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام مع عائشة في لحاف واحد وكان يباشرها إلى آخره فنجعل المراد بـ {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} المراد به الوطء ويكون فعله - صلى الله عليه وسلم - هو المخصص. والمفهومُ وفعله وتقريره - صلى الله عليه وسلم - مثل تقريره - صلى الله عليه وسلم - بعض الصحابة على صلاة سنة الفجر بعد الصبح وهذا يعتبر تخصيصاً للعموم عن النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.