قال الحس هذا الأول والمراد به المشاهدة الإدراك بالبصر وليس المراد كل الحواس لماذا؟ لأنه لو جُعل الحواس مخصصات حينئذ الذوق مخصص والإشارة مخصصة واللمس مخصص فحينئذ تضيع دلالات الألفاظ العامة ولذلك حُدت بالمشاهدة بالبصر لماذا؟ لضبط هذا المخصص لأن اعتباره لابد منه وإذا فُتح الباب لما تُرك عام إلا وقد خُص بالحواس قالوا المخصصات الحس والمراد به المشاهدة ولذلك أجمعوا على أنه من المخصصات بالإجماع أن من المخصصات الحس قال كخروج السماء والأرض من قوله جل وعلا {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} تدمر أي الريح كل هذا من ألفاظ العموم كل شيء حتى السماء والأرض اللفظ عام لكن الحس أخرج السماء والأرض وما لم تدمره تلك الريح إذاً خروج السماء والأرض من قوله تعالى {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} وبعضهم يرى أن المخصص هنا لفظي لكنت الأكثر على أنهم يذكرن بهذا المثال على أن المخصص الحسي ولا مانع من اجتماع مخصصان فأكثر على نص واحد أن يدل دليلان فأكثر على نص واحد كما نقول وجوب الصلاة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع إلى آخره، كذلك هنا {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} والسماء والأرض لما يأمرها الرب جل وعلا بتدميرها {مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ ِ} هي لم تأتي على السماوات والأرض حينئذ جعل بعضهم {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} التدمير هنا ليس بالحس أو مضافا إلى الحس بتخصيص اللفظ لأن الحس ليس بلفظ فحينئذ نقول التخصيص قد يكون بلفظ وقد يكون بمعنى التخصيص بالمعنى كالمشاهدة هنا {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} الإنسان يشاهد السماوات والأرض لأنها لم تدمرها وهذه السماء هي التي جاءت الريح والسماء باقية والأرض نفسها لم تتغير ولم تتبدل في الدنيا حينئذ نقول هذه السماء وهذه الأرض مُشاهدَة ومُدرَكة بالحس وهي داخلة في قوله تدبر كل شيء فدل الحس على أن بعض أفراد النص غير مراد بالنص أو إن شئت قلت المخصص لفظي إما متصل به وهو {بِأَمْرِ رَبِّهَا} والسماوات والأرض لم يأمرها الرب جل وعلا تديرها أو منفصل لقوله {مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ ِ} وهي لم تأتي على السماوات والأرض كذلك قوله {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} مع أنها لم تُؤتى ملك سليمان وإنما {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} مما يُؤتاه الملوك {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} البلد الحرام مع أنه ثم أشياء ما جاءت نقول هذا مخصوص بماذا؟ بالحس الحس يدرك أن بعض الثمرات لم تصل إلى البلد الحرام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015