ثم قال وأقل الجمع ثلاثة، وحكي عن أصحاب مالك وابن داود وبعض النحاة والشافعية اثنان اختلفوا في أقل الجمع إذا عرفنا أن الجمع المعرف ب ال من صيغ العموم حينئذ ما أقل الجمع الجمهور على أنه ثلاثة وذهب بعضهم إلى أنه اثنان والمرجح الأول عليه الجمهور وفي اقل الجمع مذهبان أقواهما ثلاثة لا اثنان لماذا؟ أعلى ما يستدل به أن العرب فرقت في الألفاظ بين دلالتها على الواحد ودلالتها على الاثنين ودلالتها على الثلاثة فقالوا للواحد رجل وللاثنين رجلين وللثلاثة رجال ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - " الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب " ولا لماذا نقول هذا مثنى ومثنى بطريقة كذل ويُجمَع بطريقة كذا ثم نقول النتيجة أن مدلول الجمع والمثنى واحد لا فائدة لذلك وأقل الجمع ثلاثة على الصحيح وحُكي عن أصحاب مالك وابن داود اثنان استدلوا بنحو أطراف النهار قالوا أطراف النهار أنها اثنين والله - عز وجل - يقول أطراف النهار (فقد صغت قلوبكما) قلوب وهما قلبان عائشة وحفصة وقيل (وإن كان له إخوة) والحجب يكون باثنين والحديث هو ضعيف الاثنان فما فوقهما جماعة (فاذهبا بآياتنا فإنا معكم) قال اذهبا معكم وهذه كلها مؤولة لأن من يرى أن أقل الجمع ثلاثة لا يمنع من استعماله في الاثنين لكنه يكون على جهة المجاز والمنع أن يُراد بالجمع اثنان حقيقة لا مجاز فكل ما استدل به من يرى أقل الجمع اثنان فحينئذ نقول هذا مجاز وليس بحقيقة وأما الحقيقة فلكل فرد وضعت العرب له لفظ يدل علي، ثم قال والمُخاطِب – بكسر الطاء - يدخل في عموم خطابه المُخاطِب كالنبي - صلى الله عليه وسلم - خاطب غيره بصيغة فيها عموم هل تشمله عليه - صلى الله عليه وسلم - أم تختص بالأمة؟ الصواب أنه داخل في الصيغة لماذا؟ لأن العبرة باللفظ هنا وحكمنا على اللفظ بأنه عام فإذا قال - صلى الله عليه وسلم - " تستقبلوا القبلة " تستقبلوا الواو تفيد العموم هل الحكم هذا شامل النبي - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ نقول شامل هذا هو الأصل لماذا؟ لأن اللفظ عام فإذا كان عاماً شمل كل مكلف والأحكام الشرعية هذه يستوي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من أمته إلا ما دل عليه الدليل بأنه خاص به أو خاص بأمته إن ثبت الدليل فلا إشكال إن لم ثبت الأصل العموم والاستواء، والمُخاطِب يدخل في عموم خطابه، ومنعه أبو الخطاب في الأمر يعني قال كل لفظ عام يدخل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا الأمر لماذا؟ بناءاً منه وغيره على اشتراط الاستعلاء في الأمر أن يكون الآمر عالياً من المأمور فإذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره حينئذ لابد أن يكون معه استعلاء فكيف يكون هو مستعلي وهو مأمور حصل تناقض لا يمكن أن يكون هو آمراً ومأمور لأن الآمر أعلى درجة والمأمور أدنى من الآمر فكيف حينئذ يكون أعلى وأدنى في وقت واحد فمنع أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - داخلاً في لفظ عامة جاء بصيغة الأمر وهذا نبنيه على الأصل أن الأصح أنه لا يُشتَرط في الأمر ولا النهي علو ولا استعلاء وليس عند جل الأذكياء شرط علو فيه واستعلاء وخالف الباري في شرط وسيأتي موضوعه في باب الأمر، إذاً ومنعه أبو الخطاب في الأمر لعدم وجود