وحدّه قوم بأنه اللفظ المستغرق لما يصلح له وهو من عوارض الألفاظ وبينا هذا واتفقوا على أنه من عوارض الألفاظ بمعنى أنه صفة من أوصاف اللفظ فتقول هذا لفظ عام وأما المعاني هل يُقال المعنى عام؟ اتفقوا على أنه يُطلق عليه أنه عام وإنما الخلاف هل إطلاق العموم على المعنى حقيقة أو مجاز هذا محل الخلاف والصحيح أنه مجاز نقول إطلاق لفظ العموم على المعنى مجاز وليس بحقيقة ولذلك جرى الاصطلاح عندهم أنهم إذا أرادوا اللفظ قالوا عام وإذا أرادوا المعنى قالوا أعم إذا أرادوا اللفظ الخاص قالوا خاص وإذا أرادوا المعنى قالوا أخص كأحد التوضيح يقال للمعنى أخص وأعم العام والخاص به اللفظ اتسم يقال للمعنى أخص وأعم الخاص والعام به اللفظ اتسم الخاص والعام اتسم به اللفظ يوصف به اللفظ ولا يوصف به المعنى ويقال للمعنى أعم وأخص ولا يقال للفظ أعم وأخص هذا مجرد اصطلاح وبعضهم يتجوّز ويطلق هذا على هذا، إذاً وهو من عوارض الألفاظ بمعنى أن العموم هذا يوصف به اللفظ حقيقة وأما عم المطر وعم العطاء القبيلة نقول هذا عموم معنوي وهو مجاز لماذا؟ لأن الشرط في العام الذي هو اللفظ الذي هو معنا العام الحقيقي اتحاد الحكم استواء الحكم فإذا قيل أكرم الطلاب فحينئذ كل فرد من أفراد الطلاب لابد وأني يناله شيء من الإكرام على السواء لابد أن يكون جميع الطلاب متساوين في الحكم وهذا شرط في العام وأما العموم المعنوي فلا فإذا قيل عم المطر المدينة هل المطر ينزل في كل البوادي وفي كل المناطق على السواء؟ لا هنا شديد وهنا خفيف بل هنا قد يأتي وهنا لا يأتي إذاً الشمول هنا والعموم ليسا على السواء فانتفى شرط العام وهو استواء الحكم فلذلك إذا أُطلق العام على المعنى صار مجازاً لا حقيقة فهو حقيقة فيها يعني في الألفاظ مجاز في غيرها وهي المعاني وهذا هو الأصح وهو من عوارض المباني وقيل للألفاظ والمعاني، وأصله في اللغة العام الاستيعاب والاتساع وله ألفاظ يدل على العموم بإجماع السلف لا خلاف عندهم أن العام له ألفاظ كما أن الأمر له لفظ والنهي له لفظ لماذا؟ لأنا ذكرنا أن العام وكذلك الأمر والنهي هذه ألفاظ منطوق بها حينئذ كيف يُقال هل للعام لفظ يدل عليه أم لا؟ لا يتأتي هذا إلا على قول أهل البدع بكون الكلام نفسه وسيأتي بيان في الأمر.