(حُرِّمت عليكم أمهاتكم) هذا سبق الإشارة إليه أن الحكم الشرعي متعلقه فعل المكلف الذي هو صفة المكلف هو الذي يتعلق به التحريم والإيجاب والندب والكراهة والإباحة لكن الذوات عين الشيء لا يتعلق بها تحريم فهذه مثلا الخشب لا يتعلق بها تحريم وإنما يتعلق التحريم بفعل المكلف في صنعه لهذه ما الذي أراد به أراد به خيراً أم معصية حينئذ يتعلق به فعل المكلف أما عين والذات هذه الأصل أنه لا يتعلق بها التحريم، (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) الميتة حرام قالوا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) هذا فيه إجمال هل حُرم علينا بيعها لمسها النظر إليها الأكل منها محتمل هذا محتمل هذا أو ذاك أو ذاك وكلها أحكام وهي متساوية فوقع الإجمال (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) هل الحرام الوطء أو اللمس أو النظر كل هذه احتمالات وكلها متساوية وإنما يُقدّر هنا فعل (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) أكلها هذا فعل من أوصفا المكلفين أو لمسها أو النظر إليها أو بيعها إذاً لابد أن يتعلق الحكم (حُرمت) بفعل للمكلف يتعلق بالميتة كذلك (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) لابد أن يُعلَق الحكم (حُرمت) بصفة المكلف باعتبار الأمهات النظر إليها حرام أو لمسها أو تقبيلها أو وطؤها كلها أحكام متساوية ولا مُرجح أحدهم على الآخر فوقع الإجمال هكذا قال القاضي وبعض المتكلمين ومنه عند القاضي وبعض المتكلمين (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) لتردده تردد وقع التردد كما قال هناك الفتوحي ما تردد بين محتملين وهنا تردد بين محتلمين فأكثر على السواء ولا مُرجح، لتردده في الميتة بين ألكل والبيع الأكل والبيع يتعلق بالميتة واللمس والنظر هذا في شأن الأمهات لكن أيضاً بقي الوطء والجواب أنه لا نسلم أنه من المجمل لا يُسلَم قوله جل وعلا (حُرِّمت عليكم المَيْتَةُ) و (حُرِّمت عليكم أمهاتكم) أنه من المجمل ولا نسلم أيضاً بأنه لا مُرجح لو وجد الاحتمال نعم لكن نقول ثم مرجح ومخصص وهو العرف على ما ذكره المصنف ولا نسلم أيضاً أنه لا مرجح بل المرجح موجود وهو العرف فإن القاعدة العامة في الشرع أن الحكم المضاف إلى العين إلى الذات التي هي ليست بفعل المكلف ينصرف لغة وعرفاً إلى ما أُعدت له هذه العين وما كان اللائق بها فحينئذ إذا حُرمت الميتة ومعلوم أنها مُحرمة لنجاستها ما الذي حُرم شمها نقول لا بل أكلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015