إذاً ما تردد بين مُحتملين فأكثر على السواء خرج بمحتملين النص وعلى السواء أخرج الظاهر والحقيقة التي لها مجاز، أما قوله المصنف هنا إذا عرفنا معنى المجمل على ما ذكره صاحب المختصر فإن دل على أحد معنيين على أحد معنيين هنا لم يدل على معنيين بل عين أحد المعنيين وهذا قبل الإجمال أم بعد الإجمال؟ التعيين يكون بعد ورود المُبيّن فإن دل على أحد المعنيين لذلك نعضهم يقول لا يمكن تصور الإجمال إلا في لفظ له معنيين وهذا حق لا يُتصَوّر الإجمال إلا في لفظ له معنيان فأكثر على السواء وأما كونه دالاً على واحد بعد رفع الإجمال فهذا خرج عن حيز الإجمال ما هذا الذي يظهر والعلم عند الله، فإن دل على أحد معنيين أو أكثر لا بعينه على ما ذكره المصنف هنا لا بعينه أراد له الاحتراز عن الظاهر وتساوت أي المعاني وتساوت تلك المعاني ولا مزية لأحدهما على الآخر ولا قرينة يعني قبل رفع الإجمال يُحكم على اللفظ بأنه مُجمل قبل ورود البيان أما بعده حينئذ نقول ارتفع الإجمال ولذلك حكم المجمل وجوب التوقف فيه حتى يرد دليل خارجي هذا حكمه إذا عرفنا النص نقول واجب العمل به الظاهر واجب العمل بما دل عليه وهو المعنى الراجح والمجمل عدل على معنيين أو أكثر على السواء ولا قرينة نقول يجب التوقف حتى يرد الدليل الخارجي المُبين والمُميز لأحد المعنيين على الآخر، وقد حدّه قوم بما لا يُفهم منه معنى عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ هكذا لا يُفهَم منه معنى وهذا فيه إشكال لأن الذي لا يُفهم منه معنى هو المُهمَل وليس الموضوع والمجمل قسم من أقسام الموضوع والموضوع له معنى حينئذ قولهم بما لا يُفهَم منه معنى عند الإطلاق إذا أُطلق اللفظ دون تركيب لا يُفهَم منه معنى معين أو لا يفهم منه معنى على الإطلاق نقول لا وجود له في اللفظ المستعمل بل هذا قسم أو نوع من أنواع المهمل والمهمل الذي لم تضعه العرب لأن اللفظ نوعان مهمل وموضوع المهمل الذي لم تضعه العرب وهو الذي لا معنى له كرفعج مقلوب جعفر وديز مقلوب زبد أما الذي وضعه العرب فلابد أن يكون له معنى، وقد حَدَّه قوم بما لا يُفهم منه معنى ولكننا نقول المجمل يفيد معنى لكنه غير مُعيّن ولذلك بعضهم قال لو قيد هنا لا يفهم منه معنى معين لصح الحد لو قال لا بما لا يفهم معين عند الإطلاق صح الحد وهذا يرد أيضاً ما ذكرته سابق فإن دل على أحد معنيين نقول المجمل لا يفهم منه أحد المعنيين، فيكون في المشترك إذاً عرّف لك المجمل بأنه ما دل على معنيين فأكثر على السواء ولا قرينة مثاله قوله جل وعلا {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228، {ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} هذا جمع قَرء أو قُرء بالفتح والضم بالوجهان والقرء يُطلق في اللغة على الطهر والحيض على السواء حينئذ إذا أطلق ثلاثة قروء يُحمَل على المعنيين وهما متضادان إذاً لابد من مُرجح خارجي فحينئذ نقول ثلاثة قروء هذا اللفظ في هذا التركيب مجمل يجب التوقف فيه ولا يُعمَل به حتى يرد دليل يبين لنا ما المرد هل المراد به الحِيَض أم الأطهار حينئذ يلتمس بدليل خارج عن الآية، قال فيكون في المشترك يعني أين يقع أين يكون؟ المجمل يكون في الفعل ويكون في