ملزمة للغير لما قال {فَاتَّبِعُونِي} إذاً عرفنا أن القول حجة قاطعة مُلزمة يجب العمل بهذا القول بما دل عليه القول سواء بالنص أو بالظاهر المقترن بقرينة أنه واجب الاتباع وأما واجب الفعل فما ثبت فيه أمر الجبلة سيقسم لنا الفعل ثلاثة أنواع وأما الفعل يعني فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو السنة الفعلية فما ثبت فيه أمر الجبلة جبلة وهو الخلقة والطبيعة كالقيام والقعود وغيرهما فلا حكم له يعني لا إيجاب ولا تحريم ولا ندب ولا كراهة بل يبقى على الإباحة لماذا؟ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بشر كغيره يحتاج إلى القيام والقعود والنوم والأكل والشرب كل ذي روح يسعى في مثل هذه الأعمال وهذه ليست من باب التكليف يعني ليست من باب الخطاب بأمر أو نهي لم يُكلَف الخلق باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الأمور بل كلفوا باتباع أمره ونهيه فما ثبت فيه أمر الجبلة كالقيام والقعود وغيرهما كالأكل والشرب والنوم فلا حكم له لكن على كلام المصنف نقول بالنظر إلى ذاته لا بالنظر إلى صفته لأنه من حيث الصفة قد يتعلق به الحكم أليس كذلك الأكل من حيث هو أكل نقول هذا أمر جبلي لكن كونه مأموراً بأن يأكل باليمين منهياً أن يأكل بالشمال نقول هذه صفة تعلقت بأمر جبلي في الأصل حينئذ يكون الحكم مقيداً هنا فلا حكم له يعني بالنظر إلى ذات الأمر الجبلي وأما إذا تعلقت بالصفة النوم أمر جبلي لكن وردت الصفة أنه يذكر ربه وينام على طهارة ويضع على جنبه الأيمن إلى آخره نقول هذه صفات تعلقت بأمر جبلي إذاً من حيث الذات يكون لا حكم له ومن حيث ما تعلق به من صفة فهو له حكم وهو الندب هذا قول وقال بعضهم أنه يُندب الاقتضاء والتأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى في الأمور الجبلية وهذا عزاه إبراهيم أبو اسحق إلى أكثر المحدثين أكثر أهل الحديث أن الأمور الجبلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقتدي بها لعموم اللفظ {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الأحزاب21، {فِي رَسُولِ اللَّهِ} يعني كل ما يصدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الظرفية ثم جيء بالرسول والرسول الأصل فيه أنه ذات إذاً {فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} بمعنى تأسوا به فهذا يدل على أن الأمر عام فكل ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمر جبلي أو غيره فالأصل فيه التأسي ولذلك جاء في الحديث (لكني أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وأتزوج النساء) ثم قال (فمن رغب عن سنتي) الذي هو ماذا سنتي؟ النوم والقيام والأكل والصوم كل هذه سماها ماذا سماها سنة فحينئذ أطلق على بعض الأمور الجبلية أنها سنة فقال (فمن رغب عن سنتي) حينئذ يكون الأصل الاقتداء به مطلقاً وقيل مُباح وقيا ممتنع وقيل مباح على ما ذكره المصنف هنا فلا حكم له على أنه مباح وقيا ممتنع إذاً الفعل الجبلي من أفعال النبي اختلف الأصوليون فيه على ثلاثة أقوال الإباحة والامتناع يمتنع اقتداء به الثالث الندب وهو منسوب لأكثر أهل الحديث والأدلة تدل على الثالث، وما ثبت خصوصه به كقيام الليل فلا شركة لغيره فيه يعني وما كان خاصاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - هذا مختص به لا يشاركه فيه غيره من أمته ولكن هذا