والمعنى فحينئذ ألفاظه ومعانيه أحكم ما يمكن أن تكون من الإتقان وأعلى درجات البيان والفصاحة والبلاغة وحسن الترتيب وحسن السبك هذا يسمى الإحكام العام كذلك أخباره في كمال الصدق وأحكامه في كمال العدل {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} الأنعام115، صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام، إذاً المراد بـ {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} أي بلغ أعلى درجات الإحكام والإتقان أما قوله بأنه متشابه أو إطلاق الرب جل وعلا على القرآن بأنه متشابه عام أو متشابه كله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً} نقول به أنه بعضه يشبه بعضه هذا يسمى بالتشابه العام أنه بعضه يشبه بعضه في الإتقان والإحكام فحينئذ لا تتضارب ولا تتناقض أحكام ولا يُكذب أخباره بعضها بعضا ولذلك جاء {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82، ولكن الاختلاف هنا المنفي {اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} هذا وصف حينئذ قد يوجد به بعض الاختلاف لكن لا يُخرجه عن كونه في غاية الإتقان والإحكام في الأخبار والأحكام، أما التشابه الخاص والإحكام الخاص فهو الذي علناه المصنف هنا فيه محكم ومتشابه إذاً فيه يعني جمع بين الإحكام والتشابه وإذا قيل جمع بين الإحكام والتشابه حينئذ أخرج الإحكام العام وأخرج التشابه العام هذا لا مورد له في كتب الأصوليين وإنما يُذكَر في كتب علوم القرآن، وفيه محكم ومتشابه أي في الكتاب في القرآن محكَم، مُحكَم على وزن مُفعَل اسم مفعول من أحكم يحكم فهو مُحكَم اسم مفعول من أُحكِم يُحكَم فهو مُحكَم من أحكمت الشيء اُحكمه إحكاما فهو مُحكَم إذا أتقنته ومنه قولهم بناء مُحكَم أي ثابت يبعد انهدامه وهو أي المُحكَم عند بعضهم كما ذكره في مختصر التحرير بأنه ما اتضح معناه وضده المتشابه ما لم يتضح معناه هذا أحسن مات يُقال في النوعين ما اتضح معناه فهو مُحكَم سواء اتضح معناه بالسياق أو بدليل آخر أو بالسباق أو بقرينة نقول ما دام المعنى اتضح فحينئذ فهو مُحكَم سواء كان بنفسه أم بغيره والمتشابه ما عداه لكن القاعدة أنه في المتشابه أنه يُحمَل على المُحكَم فحينئذ يكون وصفه بأنه متشابه في ابتداء الأمر لا في الانتهاء لأن لو قيل متشابه لأنه لم يتضح معناه هل لم يتضح معناه مطلقاً نقول لا ليس في القرآن هذه يُنفى عن القرآن لأن هذا نقص عيب فحينئذ نقول ما لم يتضح معناه إما أن يكون نسبياً لبعض العلماء قد تُشكِل عليه آية يموت وقد أشكلت عليه هذه الآية ولم يفهمها هذا تشابه وعدم اتضاح نسبي أما عدم اتضاح عام لكل العلماء لكل الأمة هذا لا وجود له وإنما يُحمَل المتشابه على المُحكَم فيتضح حينئذ فحينئذ الإحكام والتشابه الذي ورد في الآية يكون في ابتداء الأمر أما في الانتهاء فلا ولو وُجد ابتداء وانتهاء في حق شخص معين فحينئذ يكون هذا خاص به يكون التشابه وجوه نسبي وفيه مُحكم ومتشابه دليله وقوع بل النص عليه {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يعني ومنه آيات أُخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015