أصول الفقه: هذا مُركب إضافي، أصول مُضاف والفقه مُضاف إليه، النظر إلى هذا التركيب من جهتين، الذي يعتني به الأصوليون هو كونه لقباً وعلماً على الفن المُسمى بهذا التركيب لأنه صار ماذا؟ صار أصول الفقه الذي هو مركب إضافي نُقل عن التركيب في أصله وجُعِل علماً لمسمى هو أصول الفقه، إذا نظر الأصولي إلى أي شيء بالأصالة ينظر له من حيث إنه علم لهذا الفن ولقب لهذا الفن، قبل جعله علماً هو مُركب إضافي، أصول والفقه، عرفنا هذا الآن، إذا أردنا أن نُحده على أنه علم بهذا الفن، هل يُشترط في العلم بالعلم المُركب المُؤلَّف من جزأي هل يُشتَرط في حده والعلم به العلم بجزأيه قبل جعله علماً أو لا؟ هذا مُختَلف فيه بين الأصوليين، بعضهم يقول لا يمكن أن نُعرِف أصول الفقه وهو علم ولقب على الفن مُسمى وهو مُركَّب إضافي إلا بعد معرفة جزأيه، فحينئذ لابد من معرفة المراد بأصول ولابد من معرفة المراد بالفقه، كل منهما لغة واصطلاحا ثم ننتقل بعد ذلك إلى معرفة أصول الفقه علماً، لأنه صار مفرداً كلمة واحدة، كما إذا سُمي عبد الله عبد الله هذا وصف ثم جُعل علماً على شخص نقول عبد الله هذا كلمة واحدة، قال (أصول الفقه معرفة دلائل الفقه إجمالاً) إذا بدأ بماذا؟ بدأ بتعريفه علماً ولقباً لهذا الفن، ونقول المُصنف كأنه يميل إلى أن معرفة المركب العلم أنه لابد وأن يُعرَف جزأه أيضاً بدليل أنه عرَّف الفقه بعد ذلك لغة واصطلاحاً وعرَّف الأصل لغة واصطلاحاً، فكان الأولى عليه وله أن يُقدِّم ماذا تعريف الفقه أولاً لغة واصطلاحاً وتعريف الأصل أو الأصول أولاً لغة واصطلاحاً، حينئذ لابد من التقديم والتأخير، فنقول (الفقه) مقال المُصنف هنا الفهم، الفقه في اللغة الفهم لغة، هذه زيادة من المُصنف وجدها في بعض المخطوطات لغة بالنصب على أنه حال أو تمييز أو بنزع الخافض ثلاثة أقوال، ما حد الفقه في اللغة؟ الفهم، الفهم مُطلقاً أو يُقيد بشيء ما، بعض أهل العلم قيده قال الفهم لأشياء دقيقة خفية، وأما الأشياء الظاهرة إذا فُهمَت لا تُسمى فقهاً ولكن المُصنف هنا أطلق قال الفقه لغة الفهم، إذاً مطلقاً لما ظهر ولما دق وغمض، لماذا؟ لأن المُصنف هنا أطلق ولم يُقيد الفهم كما قيده أبو اسحاق الشيرازي، حيث قال: الفقه هو إدراك الأشياء الدقيقة، وهو معنى الفهم إدراك الأشياء الدقيقة، إذا إدراك الأشياء الظاهرة فهم الأشياء الظاهرة هذا لا يُسمى فقها في اللغة، ولذلك قال أبو اسحاق يُقال فقهت كلامك ولا يُقال فقهت السماء والأرض، ولا يُقال فقهت أن السماء فوق والأرض تحت، أليس كذلك؟ فدل على أن السماء لما كانت أمراً ظاهراً لم يتعلق بها اللفظ ولم يصح التركيب ولما كان الكلام في الأصل أنه لما دق وغمض ويحتاج إلى إمعان نظر صح عنه أن يُقال فقهت كلامك، لكن نقول الصواب أنه الفهم مُطلقاً سواء كان لما ظهر وبان وانتشر أو لما دق وغمض وخفي، الدليل على ذلك أنه جاء في إطلاقات الشرع مراداً به الفهم مطلقاً، {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} طه27 - 28، يعني يفهموا قولي، وقولي هذا مصدر مضاف إلى معرفة حينئذ يفيد العموم لأن قولًا قد يكون ظاهراً وقد يكون خفياً، فأُضيف