إذا قوله (وهذا أولى) يقصد به أن تعريف العلة بأنها الباعث للشرع على إثبات الحكم أولى من الأول، لماذا؟ لأن فيه ربط الأحكام الشرعية بالعلل، وحينئذ لا مانع أن يُقال الشرع مُعللة للرب جل وعلا، وإن كان بعضهم يُعبر بالأغراض لكن هذا يُترك هنا في هذا الموضع، ثم قال (وسبب) إذاً عرفنا حد العلة أنها المعنى الذي علق الشرع الحكم عليه أو أنها الباعث له على إثباته، ثم قال (وسبب) هذا عطف على وقله وعلة، أي والقسم الثاني مما يظهر به الحكم هو السبب، والسبب لغة ما تُوصِل به إلى غيره، قال جوهري السبب الحبل، {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء} الحج15، يعني بحبل، وكل شيء يُتوَصل به إلى أمر من الأمور، قيل هذا سبب وهذا مُسَبب عن هذا، إذاً عندنا أمران سبب ومُسَبب، وأما في الاصطلاح الشرعي فالسبب ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته، ما يلزم من وجوده وجود السبب وجود الحكم الشرعي الذي هو المُسَبَب كالزوال بالنسبة لوجوب صلاة الظهر، يلزم الوجوب الزوال وجود المُسَبَب وهو الحكم الشرعي وهو وجوب صلاة الظهر، يلزم من وجود النصاب في الزكاة وجوب الحكم الشرعي وهو وجوب الزكاة، إذاً ما يلزم من وجوده الوجود هذا هو السبب، ومن عدمه العدم ومن عدم السبب يلزم منه عدم الحكم الشرعي، عدم دخول أوقات الصلاة يلزم منه ويترتب عليه عدم وجوب الصلوات المكتوبة، عدم النصاب يلزم منه عدم وجوب الزكاة، إذاً ثم تلازم وجوداً وعدماً في السبب والمُسَبَب، كل سبب إذا وُجد لابد وأن يوجد مُسَبَبه، كل سبب إذا عُدم لابد وأن ينعدم مُسَبَبه أو يُعدم مسببه، إذا بينهما تلازم في الوجود والعدم، ما يلزم من وجوده الوجود نقول هذا احترز به عن الشرط لأن الشرط لا يلزم لوجوده الوجود، الطهارة لا يلزم منها وجود الصلاة قد يتطهر ويتوضأ ولا يصلي ولا تجب عليه الصلاة، حينئذ نقول احترز بقوله ما يلزم بوجوده الوجود عن الشرط، لأنه لا يلزم من وجوده الوجود، بخلاف السبب، يلزم بوجوده الوجود، ومن عدمه العدم هذا احترز به عن المانع، المانع لا يلزم من عدمه وجوداً ولا عدم كالدين بالنسبة للزكاة، نقول هو مانع على قول بعض الفقهاء الدين مانع لكن هل يلزم من عدم المانع وجود أو عدم قد يُعدَم الدين لا تجب عليه الزكاة لأنه فقير أليس كذلك؟ قد يُعدَم الدين وتجب عليه الزكاة، إذاً قد يُعدَم المانع ولا يلزم منه إثبات حكم أو نفي، لذاته هذا للاحتراز عن السبب الذي لا يلزم لوجوده الوجود، قلنا السبب لابد أن يلزم لوجوده الوجود أليس كذلك؟ كلما وُجد السبب وُجد المُسَبَب، قد يوجد السبب ولا يوجد المُسَبَب ينتفي هل هو نقض لهذا التعريف؟ نقول لا، مثاله النِصاب بالنسبة للزكاة، قلنا إذا وُجد النصاب ترتب عليه وجوب الزكاة لكن هذا ليس لذاته وإنما قد يوجد النصاب ولا تجب الزكاة، متى؟ لفقدان شرطه لأن شرط الزكاة مع وجود السبب وهو النصاب الحولان، إذاً هنا لم يترتب على السبب مُسَببه، هل هو لذاته أو لفقدان شرط؟ لفقدان شرط، إذاً قوله لذاته أي لذات السبب ضمير يعود إلى السبب، أخرجنا ما لو قارن السبب فقدان الشرط كالنِصاب مع عدم الحول، حينئذ وُجد السبب ولم يترتب عليه المُسَبب هل نقول هذا طعن