السبب بمعنى واحد بمعنى أن كل منهما قد جُعل مُعرفاً للحكم سواء كان بين الحكم والوصف مناسبة أو لا، فيكون عاماً، يعني لا تُجعَل العلة وصفاً مناسباً للحكم فيترتب الحكم على وجود هذا الوصف فتكون ثم مناسبة للحكم المناسبة مثل ماذا لو قيل الإسكار علة تحريم الخمر ما هي؟ الإسكار، والحكمة لا ضرر ولا ضرار حفاظاً على عقول الناس، لأن هذه أم الخبائث، فحينئذ حفظاً للأموال وحفظاً للنفوس والأعراض والعقول نقول لهذه الحكمة حُرمت الخمر لوجود الإسكار الذي يُغيب العقل، هل ثم مناسبة يدركها العقل بأن حكم التحريم مناسب لهذه العلة وهي الإسكار أو لا؟ بينهما مناسبة، أما وجوب صلاة الظهر لدلوك الشمس أو لزوال الشمس العقل لا يدرك أن هذا السبب مؤثر في الحكم فيكون بينهما مناسبة، لا نقول لا مناسبة، نقول أن العقل لا يدرك، ويوجد فرق بينهما، لماذا؟ فرق بين أن نقول لا مناسبة بين الزوال ووجوب صلاة الظهر وبين أن نقول العقل لا يدرك المناسبة؟ إذا قلنا العقل لا يدرك المناسبة بين وجوب صلاة الظهر ودلوك الشمس أو زوال الشمس هل هذا التعبير يرفع وجود المناسبة بالفعل أم لا؟ لا يرفعها لأننا نعلم أن أفعال الله - عز وجل - مُعللة بحكمة وأحكامه الشرعية كلها مُعللة لحكم ومصالح، حينئذ ما يُجعل الشيء مرتباً على شيء إلا لحكمة، نحن ما نعلم ما أدركنا لا من جهة النص ولا العقل يستنبط أن ثم مناسبة بين زوال الشمس ووجوب صلاة الظهر، إذاً لا نمنع المناسبة لكن باعتبارنا نحن كباحثين في كتاب الله وسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - نقول هذا لم تظهر لنا مناسبة فحينئذ يُعبَر تعبيراً دقيقاً فيُقال العقل لم يُدرك تأثير زوال الشمس في وجوب صلاة الظهر، ولا نقل أن وجوب صلاة الظهر مع زوال الشمس لا مناسبة بينهما، فحينئذ من قال بأن السبب والعلة مترادفان بمعنى واحد عمم معنى العلة وعمم معنى السبب فحينئذ كل من العلة والسبب ينقسم إلى قسمين ما يكون بينهما مناسبة بين الوصف والحكم وما لا يكون بينهما مناسبة لأن زوال الشمس هذا يعتبر وصفاً، هل ثم مناسبة ظاهرة بين وجوب صلاة الظهر وهذا الوصف؟ العقل لا يدرك، الإسكار مع التحريم؟ نقول العقل أدرك، إذاً كل منهما يشمل النوعين وبعضهم فرَّق بينهما جعلهما متباينين كل منهما مباين للآخر، فجعل العلة مختصة بالوصف الذي له أثر في الحكم الشرعي كالإسكار مع التحريم وجعل السبب ما لا تُدرك علته بالعقل كالزوال مع وجوب صلاة الظهر، إذاً رجع إلى القسم الأول وهو عند القائلين بالترادف بين السبب والعلة فقال لا نفصل بين العلة والسبب، فنجعل العلة مختصة بما أثر في الحكم الوصف المؤثر في الحكم أو الوصف الذي أدرك العقل ترتب الحكم على هذا الوصف فنسميه علة. ونأتي إلى السبب فنجعله مُقيدَاً بوصف لا تظهر مناسبته بينه وبين الحكم عقلاً من جهة العقل لا من جهة الواقع، إذاً جعل العلة مُباينة للسبب، ما كان الوصف مناسباً ومؤثراً في الحكم سماه علة وما كان الوصف لا يظهر تأثيره في الحكم كالزوال مع وجوب الصلاة قال هذا نسميه سبباً، وهذا منسوب لمذهب أبي حنيفة وأتباعه.