لأن بعض الأصوليين يرى أن الحكم الوضعي السبب هذا حكم عقلي، نقول لا ليس بعقلي، من الذي أخبرنا بأن دلوك الشمس سبب لوجود صلاة الظهر؟ الله - عز وجل - {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} الإسراء78، من الذي أخبرنا بأن الطهارة شرط لصحة الصلاة؟ الله - عز وجل -، من الذي أخبرنا بأن الحيض مانع من الصلاة والصوم صحة وجوازاً؟ هو الله - عز وجل -، إذاً مراد هذه الشروط والأسباب والموانع هي الشرع فما أثبته الشرع سبباً أثبتناه وما لم يثبته الشرع سبباً لم نُثبته، وما أثبته الشرع شرطاً أثبتناه وما لم يثبته لم نثبته وهلم جرة، لماذا؟ لأن الحكم مأخوذ من الشرع، لذلك قررنا القاعدة كما سبق قوله الحاكم هو الله - عز وجل - {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} الأنعام57، يعني لا حكم شرعياً سواء كان وضعياً أو تكليفياً إلا لله - عز وجل - {وَاللهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الرعد41، قال: و (وضعيةٌ): هذا معطوف على قوله تكليفية لأنه قال الأحكام قسمان تكليفية وهي خمسة وانتهى من ذكرها وبعض المسائل المتعلق بها أو المتعلقة بها ثم قال ووضعية هذا معطوف على قوله تكليفية، يعني أن القسم الثاني من قسمي الحكم الشرعي هي الأحكام الوضعية، نسبة إلى الوضع لأنه يُقال خطاب وضع، والوضع في اللغة الولادة، يُقال وضعت المرأة إذا ولدت ويلد أيضاً بمعنى الإسقاط والحط فيُقال وضعت الدين عن زيد بمعنى أسقطته وحططته، هذا في اللغة، أما في الاصطلاح فالحكم الشرعي الوضعي هو خطاب الله تعالى المُتعلِق لجعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه، إذاً خطاب الله لابد من أن يكون مأخذ هذا الحكم الوضعي هو الشرع، ويرد فيه ما وُرِد على الحكم التكليفي بجعل الشيء سبباً لشيء آخر كدخول الوقت سبباً لوجوب الصلوات المكتوبة نقول هذا سبب، من الذي جعل هذا الشيء سبباً؟ نقول خطاب الله المتعلق بكون هذا الشيء سبب لشيء آخر، أو شرطاً له كالطهارة بالنسبة للصلاة والحول بالنسبة للزكاة، أو مانعاً منه كون هذا الشيء مانعاً من كذا نقول هذا أيضاً مأخذه من الشرع، قال خطاب الله المتعلق لكون الشيء مانعاً من هذا الشيء كالحيض مانعاً من الصلاة والصوم ثم خطاب الوضع هو الوارد بأن هذا مانع أو فاسد أو ضده أو أنه قد أوجب شرطاً يكون سبباً وعلى هذا التعريف خطاب الله تعالى المُتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه، تفهم منه أن الحكم الوضعي منحصر في ثلاثة أشياء الأسباب والشروط والموانع، وهذه مُتفق عليها عند الأصوليين أن السبب حكم شرعي وضعي، وأن الشرط حكم وضعي وأن المانع حكم وضعي، واختلفوا في الصحة والفساد والنقصة والعزيمة والأداة والقضاة والإعادة ونحوها مما يُجعَل وصفاً للحكم التكليفي والأصح أن هذه كلها ليست بحكم وضعي وإنما هي أوصاف للحكم التكليفي كما سيأتي بيانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015