وهنا ربَّع بالمكروه، يعني ذكر المكروه بعد الحرام لاشتراكهما في مطلق الطلب، يعني كل منها حرام والمكروه مطلوب وإن كان الحرام مطلوب الترك على جهة الجزم والمكروه مطلوب الترك ليس على جهة الجزم، وأيضاً يشتركان في اللفظ فكما أن المكروه كراهة ذيلية يُطلق في الاصطلاح كراهة أو مكروه، فكذلك الحرام يُسمى مطلقاً في الشرع، وتخصيص المكروه به ما هو منهي عنه نهي تنزيه كما ذكر المصنف وله اصطلاح خاص بالأصوليين، وإذا في الشرع فيُطلق المكروه مراداً به كراهة التحريم كما في قوله تعالى {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} الإسراء38، كل ذلك المشار إليه من قوله {َألاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} إلى آخر ما ذكر من المُحرمات وأشار {كُلُّ ذَلِكَ} من أشد المُحرمات وهو الشرك بالله إلى أدناها {كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} إذاً أطلق عليه الكراهة. إذاً يشتركان في اسم الكراهة، ثالثاً ذكر المكروه بعد الحرام لكون كل منهما منهي عنه، فالحرام منهي عنه والمكروه أيضاً منهي عنه، وإن كان النهي في الحرام نهياً على جهة الجزم نهياً جازماً وفي المكروه منهي عنه نهياً غير جازم. إذا اشتركا في ثلاثة أمور، في مُطلق الترك في التسمية في مُطلق النهي، كل منهم منهي، وعليه نقول الأصح عند الجمهور أن المكروه منهي عنه حقيقة كما أن الحرام منهي عنه حقيقة. وذِكر المُصنف لمكروه في ضمن أحكام التكليف يُبين لك أنه يره أن المكره حكم تكليفي وهو الأصح، ولذلك يُقال المكره على وزان المندوب يعني مثله، وكما الأول الذي هو المندوب مأموراً به حقيقة عند الجمهور كذلك المكروه منهي عنه حقيقة عند الجمهور. وكما أن المندوب حكم تكليفي وإن لم يكن موافقاً للجمهور ولكنه على الأصح كذلك المكروه حكمه تكليفي وإن لم يوافق الجمهور. إذاً الجمهور لهم خلافان، إثبات أن المندوب مأمور به حقيقة وعليه الجمهور وغير الجمهور على أنه مأمور به مجازاً. هل المندوب حكم تكليفي؟ الجمهور على أنه ليس بحكم تكليفي وغير الجمهور على أنه حكم تكليفي هو الأصح. المكروه هل هو منهي عنه حقيقة؟ الجمهور نعم هو منهي عنه حقيقة وأدلة هذا دليل ذلك والدليل الدليل والاختلاف الاختلاف كما قال بعضهم، وهل المكروه حكم تكليف؟ الجمهور لا على أنه ليس بحكم تكليفي والصواب بأنه حكم تكليفي ولذلك ذكره المصنف هنا في ضمن الأحكام التكليفية، ولذلك تعجب كثيراً للأصوليين يرى أنه ليس بحكم تكليفي ثم يقول الأحكام التكليفية تقسم: الواجب والمندوب والحرام والمكروه المُباح، المُباح يكاد يكون اتفاق أنه ليس مكلفاً له أما المكروه والمندوب فهذان يذكران في ضمن أحكام الشرع التكليفية، فريق يُرجح بأنهما ليسا بحكمين تكليفيين، إذاً قول هو مكروه شروع في القسم الرابع والمناسبة ما ذكرناها مع المحظور، مكروه على زنة مفعول من كُرِه يُكرَه فهو مكروه. ولا تقل من كَرِه، لأن اسم المفعول يأتي من الفعل مُغيَّر الصيغة، لا تقل من كَرِه لا من كُرِه يُكرَه فهو مكروه.