(كما ينبغي لكرم وجهه) يعني أحمد الله مثل الحمد الذي ينبغي، (ما) هنا بمعنى الذي اسم موصول، (ينبغي) بمعنى يليق، وهل يُمكن أن يحمد الله عبد بما يليق بالرب - عز وجل -؟ الجواب لا، حينئذ نقول هذا الحمد الذي شُبِه بما يليق بالرب - سبحانه وتعالى - على جهة الإجمال لا على جهة التفصيل، وإلا فعلى جهة التفصيل هذا متعذر أن يأتي به بشر ولو كان نبياً، ولذلك جاء في الحديث " لا أُحصي ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك "، (لكرم وجهه) ولا شك فيه كرم وجه الرب - عز وجل -، قال تعالى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} الرحمن27، (وعز جلاله) كما ينبغي لكرم وجهه، ولو قيل لكمال وجهه لما بَعُد، ولذلك هذه عبارة الشافعي في الرسالة، (أحمد الله كما ينبغي لكمال وجهه وعز جلاله) الجلال هو العظمة، والعز هو القوة الله والغلبة، معلوم أن العزة صفة من صفات الرب - عز وجل - الدال على كمال قهره وسلطانه، (وأصلي) إذاً حمد الرب ثم قال (وأصلي)، لماذا حمد الرب؟ نقول كما قلنا في البسملة أنه اقتداء بالكتاب العزيز وتباعاً لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الفعليه لأنه إذا خطب أو قال في خِطبة النكاح (إن الحمد لله) وهذه سنة فعلية لأنه لم يأمر بها، وأما حديث (كل أمر ذي بادئ لا يبدئ فيه بالحمد لله .. إلى آخره) فهو حديث ضعيف. لذلك ذكر بعضهم ويُنسب للشافعي أنه قال " يُستحب البداءة بالحمدلة لكل مُزوِج ومُتزوِج ودارس ومُدرس ومُعلم وخاطب وخطيب وبين يدي سائر الأمور المهمة) اذاً هو سنة مُطلقة على جهة الاستحباب، وإن كان بعضهم يقول يُستحب فيما لم يرد فيه نص وإذا ورد فيه نص يقول فيه يُسن. (وأصلي على نبيه) يعني بعد أن حمد الله وأثنى عليه صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم -. (وأصلي) هذه جملة فعلية ويعبر عنها أهل البيان بأنها خبرية اللفظة إنشائية المعنى، وهي معطوفة على قوله (أحمد الله) مما يدل على أن المراد بـ (أحمد الله) أنها جملة خبرية اللفظة إنشائية المعنى يعني المراد بها طلب الحمد والمراد بـ (أصلي) طلب الصلاة، (على نبيه) الصلاة معروفة التي قال ابن القيم - رحمه الله تعالى – أنها ثناءه صلاة الله على عبده ثناءه على عبده في الملأ الأعلى ومن الملائكة والآدميين الدعاء والاستغفار، (وأصلي على نبيه) لم يقل وأسلم وهذه (وأسلم) زيادة من المحقق غير موجودة في المخطوطات (وأصلي على نبيه) نقول أتى بالصلاة دون السلام، وإن كان المشهور عند المتأخرين أنه يُكرَه إفراد الصلاة عن السلام كما يُكره إفراد السلام عن الصلاة، يعني لا تقل اللهم صل على محمد فقط ولا تقل وسلم، ولا يصح اللهم سلم ولا تقل صل على محمد، لماذا؟ قالوا: لقوله جل وعلا {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} الأحزاب56، فقرن بينهما الرب جل وعلا، حينئذ إفراد الصلاة دون السلام وإفراد السلام دون الصلاة هذا لا يُعد ممتثلاً للأمر، لأنه قال {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا} وهذه حجة كثير من المتأخرين، ونقول والصواب لا يُكرَه إفراد الصلاة عن السلام والعكس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015