لا الظهر مثلا، ليس المراد طول الصلاة، يدخل فيها كل الأفعال، لا، المراد بها صلاة حتى تصير واحدا بالعين، لو أريد بها صلاة الفجر والظهر والمغرب لَمَا صحَّ المثال، وإنما تقيد المثال (كالصلاة) يعني صلاة زيد بطهر واحد مثلا، أو إذا كانت عدة فرائض في زمن الغصب على ما سيذكره، (كالصلاة في الدار المغصوبة في أصح الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى)، (الصلاة في الدار المغصوبة) هذه مسألة عويصة عند الأصوليين، ودائما تذكر في هذا الباب وفي باب النهي، قال: (كالصلاة في الدار المغصوبة) ما صورة الصلاة في الدار المغصوبة؟ بل كيف تغتصب الدار؟ تغتصب الدار، يعني ما هي سرقة، بل اغتصبها جهارا نهارا، فحينئذ صار اشتغاله أو إشغاله أو كينونته في هذه الدار حراما، أليس كذلك؟ كل وقته الذي مكث في هذه الدار وهو غاصب لها ومعلوم أن الغصب حرام وأن ما ترتب على الحرام فهو حرام = حينئذ كل فعل فعله في هذه الدار من حركة وسكون وقول ومشي وأكل وشرب وصلاة نقول الأصل فيه التحريم، فحينئذ لو دخل وقت صلاة الظهر وهو غاصب للدار في داخل الدار، وقا صلى، نقول الأصل في استعمال المغصوب حرام، فكل حركة من قيام وركوع وسجود واضطجاع ونوم = هذا هو الأصل أنه التحريم، فحينئذ وجبت عليه الصلاة، صلاة الظهر، فقام تحرك في دار مغصوبة، اجتمع عندنا ماذا؟ حرام وواجب، اجتمع عندنا حرام وواجب، هل يمكن أن يكون الشيء الواحد بالعين حراما واجبا من جهة واحدة؟ قالوا: لا، إذن نقول هذه الصلاة التي أُدِّيَتْ بحركات محرمة في الدار المغصوبة المحرمة نحكم ببطلانها، لماذا؟ لأنها ليست صلاة مأمورا بها، قال جل وعلا: [أقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ]، (أقم الصلاة) هل الصلاة التي صلاها في الدار المغصوبة داخلة في هذا النص؟ الجواب: لا، فحينئذ لما لم يشملها الأمر (أقم الصلاة) لم تكن الصلاة مأمورا بها، فالذي يجتمع عندنا واجب وحرام، فإذا فعل هذه الصلاة فيما حرم عليه فعله فيه كالصلاة في الدار المغصوبة حكمنا عليه ببطلانها، ولذلك قال: (كالصلاة في الدار المغصوبة في أصح الروايتين) يعني ماذا؟ أين الجواب؟ (كالصلاة في الدار المغصوبة في أصح الروايتين) لا تصح، لابد من التقدير، لا تصح، ولا يسقط بها الطلب، ولا تبرأ بها الذمة، لماذا؟ لأن هذه الصلاة منهي عنها، والقاعدة الكبرى أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" وسيأتي بحث هذه المسألة (النهي يقتضي الفساد) في باب النهي بإذن الله تعالى، فالأصل أنه لا يذكر هذه المسألة هنا، ولكنه تفرع من أجل قوله (وهو ضد الواجب).