ورد عذاب شديد في حديث صحيح رواه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تردى من شاهق فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن وجأ نفسه بحديدة فقتلها فهو يجأ نفسه -يعني: يطعن نفسه- في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سُمَّاً -يعني: التهم سُمَّاً- فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) .
فهو تسبب في قتل نفسه، ونفسه ليست ملكاً له، بل هي ملك لله، وخالف ما تقتضيه الطباع، فالعادة أن الإنسان يحب نفسه ويكره الموت، ويؤثر الحياة، كما في قوله تعالى حكاية عن اليهود: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة:96] ، وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن تمني الموت بقوله: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به) والمراد بالضر هنا: عموم ما يضر الإنسان، سواء كان ضرراً بدنياًأو ضرراً قلبياً، أو ضرراً مالياً، فلا يتمنى الموت، فضلاً عن أن يتعاطاه بأن يحمل على نفسه ويقتلها.
والسبب أنه قد يجزع في هذه الدنيا مما يصيبه من الألم، ويعتقد أنه إذا قتل نفسه أراحها من هذا الهم ومن هذا الغم الذي يلاقيه، وأنه لا يجد بعد ذلك شيئاً يؤلمه، وهذا خطأ كبير، وما ذاك إلا أنه ينتقل إلى ما هو أشد من هذا الألم الذي يحس به، ينتقل إلى غضب الله وعذابه، ينتقل إلى العذاب الشديد بدل العذاب السهل الخفيف الذي يمكن تحمله في الدنيا، سواءً كان هما ًأو غماً أو عذاباً بدنياً أو نحو ذلك.