قوله: (فليطلقها قبل أن يمسها) أفاد أنه إذا جامعها في ذلك الطهر لا يجوز له أن يطلقها، وإذا حاضت لا يجوز أن يطلقها في ذلك الحيض، فعرف بذلك: أن الطلاق في الحيض بدعة، وأن الطلاق في طهر قد وطئها فيه بدعة، وأن من أراد أن يطلق فليطلق وهي طاهر، يعني: ليس عليها حيض ولم يمسها في ذلك الطهر، هكذا ذكروا.
ولعل ذلك لتقليل الطلاق، فإنه إذا عزم على الطلاق وملّ من صحبة زوجته قيل له: لا تطلقها وهي حائض، فإن نفسك تكون كارهة لها في تلك الحال وهي حالة الحيض، فانتظر حتى تطهر، فإذا صبر وانتظر إلى أن تطهر، فيمكن أن نفسه تندفع إليها فيطؤها؛ لأنه قد صبر وهي حائض ستة أو سبعة أيام وهو ينظر إليها، فيقول: سوف أجامعها في هذا الطهر، فإذا جامعها قيل له: لا تطلق ما دمت قد وطئتها في هذا الطهر، لا تطلق في طهر قد وطئتها فيه، فإذا انتظر إلى أن يأتي الحيض الثاني قيل له: لا تطلقها وهي حائض، فإذا طهرت من الحيضة الثانية وعزم على الطلاق فقد لا يصبر ويندفع إليها ويطؤها، فإذا وطئها عرف أنه لا يحلّ له أن يطلقها في ذلك الطهر الذي قد وطئها فيه فيمسكها، وهكذا، وبعد ذلك إما أن تتحسن الحال والعلاقة بينهما، وإما أن يخف الذي وجد في نفسه، فيعزم على إمساكها ويترك طلاقها، فهذا هو السبب في منعه من طلاقها في حيض أو في طهر قد وطئها فيه.
إذاً: متى يطلق؟ لا يطلق إلا وهي في طهر لم يمسها فيه، أو بعدما يتبين حملها، فإذا حملت وتبين حملها جاز له أن يطلق، أو إذا بلغت سن الإياس وانقطع عنها الحيض جاز له والحال هذه أن يطلقها في أية حال، فأما طلاقها في طهر وطئها فيه وهي غير آيسة أو في حيض فإنه طلاق بدعة.