وكذلك -أيضاً- نهى المرأة في هذا الحديث أن تلبس النقاب، والنقاب: هو البرقع الذي يكون للعينين فيه نقب بقدر العينين.
وجائز للمرأة أن تلبسه إذا لم تكن محرمة، ولكن تكون الثقوب بقدر حدقة العين، فلا تكون واسعة بحيث يبدو الأنف، أو ما بين العينين كلاهما، أو تبدو الوجنة والحاجب؛ فإن هذا فتنة، إنما تقتصر على لباس يكون ثقب العين فيه قليلاً، فإذا كانت محرمة فلا تلبس هذا اللثام، ولا تلبس هذا البرقع، بل تكتفي بالخمار.
والصحيح أن المرأة تستر وجهها وتغطي وجهها إذا كانت محرمة، ولا بأس إذا مس الغطاء والخمار وجهها أو بشرة وجهها، كما قالت عائشة رضي الله عنها: (كان الرجال إذا مروا علينا ونحن في هوادجنا سبلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه) ، ولم تقل: إننا نتوقع أن يمس بشرة الوجه.
بل الظاهر أنه إذا تدلى على الوجه أنه يمس الأنف ويمس الجبين ويمس الفم، فلا بأس بذلك، ولا دليل على أن المرأة تتوقى ستر الوجه بمباشر، بل الأصل أنها تستر وجهها في الإحرام إذا كانت أمام الرجال، وبالأخص إذا كانت في الطواف، أو كانت في المسجد الحرام الذي يكثر فيه المشاة ويكثر فيه الرجال، فتستر وجهها ولو كانت محرمة، ولا يجوز أن تكشفه أمام الرجال الأجانب.
ونهيت المرأة في هذا الحديث -أيضاً- أن تلبس القفازين، والقفاز: هو اللباس الذي يلبس على الكف، الذي يفصل بقدر الكفين.
فهذه لا تلبسها المحرمة، ولكن لها أن تستر كفيها بأطراف الأكمام، ولها أن تسترهما بعباءتها ونحوها، لها ذلك ولا فدية عليها، ولو مس الغطاء بشرة وجهها ولو غطت يديها.
فهذه الأكسية التي نهي عنها المحرم، أما البقية فإنه يباح له أن يلبسها، فإذا تجنب كل لباس له أكمام وله جيب دخل في ذلك كل ما فيه التفاصيل.
والفقهاء يقولون: لا يلبس المخيط.
وكلمة (المخيط) فيها إجمال، ولكن عبارتهم تقتضي أنه لا يلبس الشيء الذي فصل على قدر جزء من البدن، سواء كانت خياطته بالإبر أو بالماكينة، أم نسج على تفصيل ذلك العضو، فمثلاً الشراب الذي في القدم قد لا يكون مخيطاً، ولكنه منسوج هكذا، ومع ذلك لا يلبسه، أما النعال فالنعال المعروفة يجوز لبسها ولو كان فيها خياطة، وقد يوجد في بعضها خياطة، ولا يقال: إنها ممنوعة لأنها مخيطة.
فلا تدخل في المخيط؛ لأن المخيط هو ما فصل على قدر جزء من البدن من الأغطية القطنية والصوفية والكتان وما أشبه ذلك.
فهذا ما يتعلق باللباس.