شرح حديث: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر)

أما الحديث بعده فيتعلق أيضاً بصلاة الجماعة، قال صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) .

المنافق هو الذي يخالط المسلمين وليس بمسلم، أو مسلم وليس بمؤمن، قلبه يضمر الكفر ويظهر الإيمان، أو هو مؤمن في الظاهر وليس بمؤمن في الباطن.

المنافقون إذا لقوا المؤمنين ادعوا أنهم معهم، ولكنهم أعداء لهم في الباطن، وهم الذين ذكرهم الله تعالى بقوله: {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118] ، وفي آيات كثيرة يذكر الله تعالى فيها مساوئهم وأعمالهم السيئة، فهؤلاء المنافقون تثقل عليهم الصلوات، يصلون مع الناس ولكن رياء وسمعة، وليس الدافع لهم الإيمان، ليس الدافع لهم طلب الثواب ولا طلب الأجر في الآخرة، ليسوا مصدقين في الحقيقة بالجزاء الأوفى، إنما يظهرون الإيمان ليحقنوا بذلك دماءهم، ويحفظوا بذلك أموالهم؛ لأنهم لو أظهروا الكفر لقتلوا، فلذلك تكون عليهم الصلوات ثقيلة، تثقل على نفوسهم، لا سيما صلاة الليل كصلاة العشاء وصلاة الفجر، فكلاهما تقع في ليل وتقع في ظلمة وتقع في وقت راحة، فهي ثقيلة عليهم فلا يأتونها إلا كسالى وربما لا يأتونها، قال تعالى: {وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة:54] فصلاة العشاء ثقيلة عليهم لأنها تقع في ظلمة، وكذلك صلاة الفجر تقع في وقت نوم وفي وقت راحة فهي ثقيلة عليهم، ولكنها ليست ثقيلة على المؤمنين بل كلها محبوبة وخفيفة عليهم.

ويقول في هذا الحديث: (لو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً) أي: ولو حبواً على الركب والأيدي كما يحبو الطفل، ولا شك أن فضلهما والأجر المرتب عليهما أجر عظيم، وكذلك بقية الصلوات، فلا شك أن الصلوات كلها فيها أجر وفي المحافظة عليها فضائل، ولكن في هاتين الصلاتين العشاء والفجر زيادة فضل وزيادة أجر، حيث إن فعلهما فيه مشقة، والعمل كلما كان شاقاً كلما كان الأجر عليه أعظم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015