قال: ((أرأيت إذا منع الله الثمرة))، يعني أصابتها آفة، أو وقف نموها، وقوف النمو معروف يستمر شيص يسمونه، تعرفون الشيص؟ نعم، يستمر، هنا منع الله الثمرة بمنع نموها، فإذا أراد المشتري أن يشتريها للأكل أو بشرط التبقية حتى تنضج يقال: لا، حتى تزهي؛ لأنه إذا باعها عليه فمنع الله الثمرة، صار من أكل أموال الناس بالباطل، وإن وجد التراضي من الطرفين؛ لأن التراضي واحده لا يكفي، نعم التراضي من الطرفين شرط لصحة البيع، بمعنى أنه لا يجوز الإكراه لا على البيع ولا على الشراء، لكن مع اعتبار الشروط الأخرى.
شرح حديث: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتلقى الركبان .. ":
"عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد" قال: فقلت لابن عباس -رضي الله عنهما-: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: "لا يكون له سمساراً".
تقدمت الإشارة إلى بيع الحاضر للبادي، وتلقي الركبان، وعرفنا العلة في ذلك، قول ابن عباس نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي الرواية الأخرى: ((لا تلقوا الجلب، لا تلقوا الركبان))، فدل على أن صيغة النهي الصريحة: لا تفعلوا تساوي التعبير بلفظ النهي، وأنه لا عبرة بقول من يقول: لا حجة في التعبير بالنهي أو الأمر حتى ينقل اللفظ النبوي، هذا القول ساقط لا حظ له من النظر، وإن علل بما علل، وقال: إن الصحابي قد يسمع لفظ يظنه أمر أو نهي وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، نقول: الصحابة -رضوان الله عليهم- الذين فهموا مقاصد الشرع وعاشروا الرسول، إذا لم يفهموا مدلولات الألفاظ الشرعية من يفهمها؟
على كل حال يقول: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتلقى الركبان"، يستقبلهم الحاضر صاحب البلد قبل أن يقدموا فيشتري منهم، وحينئذ يغبنهم، لكن لو حصل، تلقى الركبان قبل أن يصلوا إلى السوق واشترى منهم، وانصرف البائع البيع صحيح وإلا باطل؟ البيع صحيح مع الإثم، لكن لو عرف البائع أنه مغبون ورجع لا شك أنه له الخيار.