لم يذكر هنا السعي، أو ذكر بما يشمله مع الطواف فيطوفوا، يعني بالبيت وبين الصفا والمروة، فالطواف أعم من الطواف بالبيت فقط، هذا اللفظ: فيطوفوا: يتناول الطواف بالبيت ويتناول أيضاً الطواف بين الصفا والمروة، {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [(158) سورة البقرة]، فالسعي طواف؟ ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي، إلا من كان معه الهدي.
فقالوا: ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟: استبعاد، جاءوا للنسك وتلبسوا بالنسك ومن مقتضيات هذا النسك اعتزال النساء، وبعد ذلك يقال لهم: حلوا الحل كله، استبعدوا فقالوا مثل هذا الكلام، ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟!
فبلغ ذلك النبي –عليه الصلاة والسلام- فقال: مبالغة وتأكيد في أن ما أمرهم به أفضل: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت)): فهذا يدل على تفضيل التمتع على القران.
وحاضت عائشة، فنسكت المناسك كلها؛ لأمره -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعل الحاجّ، غير ألا تطوفي بالبيت)): تأثرت لما حاضت، طمأنها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لها: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) يطمئنها.
فنسكت المناسك كلها: هذا التعميم يدخل فيه السعي أو ما يدخل؟ نعم، يعني هل للحائض أن تصل إلى المسعى وتسعى ولا يبقى عليها إلا الطواف؟ نعم؟
طالب: ظاهره كذا.
الظاهر كذلك، لا سيما والمسعى ليس من البيت، إلا على قول من يشترط للسعي تقدم الطواف؛ جمع من أهل العلم يرون أن السعي لا يصح إلا بعد طواف ولو مسنون، المعتمد عند الحنابلة وغيرهم، هذا بالنسبة للسعي، ظاهر، لكن هل يتجه قول من يقول: أن الحائض تقرأ القرآن من هذا الكلام، من هذا التعميم، أو فيه بُعد؟ نعم، نسكت المناسك، ((افعلي ما يفعل الحاج)) الحاج يقرأ قرآن، نعم، ليس من أعمال المناسك، وإن استدل به بعضهم لكنه بعيد، بعيد جداً، استدلالٌ بعيد جداً.
فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت؛ لأنه قال لها: ((غير ألا تطوفي بالبيت))، والحائض لا تطوف بالبيت مهما كان ظرفها، ومهما ترتب على فعلها.