عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثُمَّ أََشْعَرْهَا وَقَلَّدَهَا -أَوْ قَلَّدْتُهَا- ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حَلَالَا".
وَعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة غنما".
نعم حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بيدَيِّ: القلائد إنما تكون إذا كان الهدي من الغنم، وأما إذا كان الهدي من الإبل أو البقر فالإشعار، وعرفنا الفرق بين التقليد والإشعار.
فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم أشعرها، وقلدها أو قلدتها: وعلى هذا يمكن الجمع بين التقليد والإشعار، كما يدل عليه فتلت قلائد ثم أشعرها وقلدها، وإن كان أهل العلم يفرقون بين التقليد والإشعار فيجعلون التقليد للغنم والإشعار للإبل والبقر، ويمكن الجمع بينهما، أيش المانع أن يشعر البعير، تشعر البقرة مثلاً بأن تضرب صفحة سنامها الأيمن بالسكين حتى يسيل الدم، وهذا للمصلحة الراجحة، وإن كان فيه شيء من الضرر والتعذيب إلا أنه مغمور في جانب المصلحة الراجحة، إحياء السنة لكي يراها الناس ويقتدوا به -عليه الصلاة والسلام- من جهة، ولا يتعرضوا لها بأذى.
ثم بعث بها إلى البيت وأقام في المدينة لم يحج ولم يعتمر، بعث بها بمفردها، وكل بها من يذهب بها إلى مكة، وينحرها هناك وأقام -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حلاً، وفي هذا رداً على من يقول: أن من أهدى إلى البيت لا يجوز له أن يزاول شيء من المحظورات حتى يبلغ الهدي محلة، نقول: متى لا يجوز له ذلك حتى يبلغ الهدي محله؟ إذا أهل بحج أو عمرة، أما إذا لم يهل بحج ولا عمرة فإنه لا يمتنع من أي شيء من المحظورات ولو بعث الهدي، وبهذا ترد عائشة -رضي الله تعالى عنها- على من زعم ذلك.