عمدة الأحكام – كتاب الحج (4)
باب الهدي
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
لنهي عمر -رضي الله عنه- عن المتعة، ولما بقي عند بعض الصحابة من كراهية أهل الجاهلية للمتعة، إذ كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأمر ابن عباس أبا نصر بها؛ لما بلغته كراهية بعض الناس كأنه حصل في نفسه شيء من التردد، فلما نام رأى في النوم إنساناً ينادي، يقول: حج مبرور: يعني متقبل، ومتعة متقبلة، حج مبرور: خالي مما يخرمه وينقص أجره، ومتعة متقبلة.
فأتيت ابن عباس فحدثته فقال: الله أكبر، فرح ابن عباس وسر بهذه الرؤيا.
سنة أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-: هذه سنة أبي القاسم، ابن عباس فرح بالرؤيا؛ لا لاستقلالها بالحكم، لا لاستقلالها بالحكم، هذه رؤيا صالحة، موافقة لما جاء في النصوص، والرؤيا الصادقة جاء في الحديث الصحيح أنها ((جزء من ستة وأربعين جزاءً من النبوة))، لكن لا يعتمد عليها في التشريع، إنما هذه جاءت موافقة لما في الشرع، فمثل هذه الرؤيا تسر الرائي.
قد يقول قائل: الأذان إنما ثبت برؤيا؛ عبد الله بن زيد راوي الأذان يقول: طاف بي طائف، طاف بي وأنا نائم رجل فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر ... إلى آخره، فثبت الأذان بهذه الرؤيا؟
نقول: هذه الرؤيا التي رآها عبد الله بن زيد قصها على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأقرها، فاكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام- لا بمجرد الرؤيا؛ فالرؤيا لا يتغير بها حكم، ولا يثبت بها حكم، نعم إذا جاءت موافقة لما جاء عن الله ورسوله تسر، لكن إذا جاءت مخالفة، مهما كان الرائي يضرب بها عرض الحائط.
فقال: الله أكبر، سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-: إذا قال الصحابي هذه السنة، أو السنة، أو من السنة، أو هذه سنة أبي القاسم، فهو مرفوع –في حكم المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قال الصحابي: من السنة كذا، من السنة كذا، فله حكم الرفع عند جمهور أهل العلم:
قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصر ... على الصحيح وهو قول الأكثر