حديث بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة –أي في عمرة القضاء- فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا الأشواط الثلاثة: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة، كما قلنا هذا في عمرة القضاء في صلح الحديبية، من شروط الصلح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يمكن هو وأصحابه من العمرة في العام القادم، واعتمر -عليه الصلاة والسلام- عمرة سميت عمرة القضاء، فلما قدم -عليه الصلاة والسلام- مكة هو وأصحابه، قال المشركون هذه المقالة.

إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم: أضعفتهم حمى يثرب، ويثرب هي اسم من أسماء المدينة كان تعرف به قبل الهجرة، وهؤلاء المشركون لا يعلمون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد دعا بنقل الحمى إلى الجحفة، فلما قال المشركون هذه المقالة أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة الأول، والرمل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وهو الخبب على من سيأتي.

المشركون قالوا هذا الكلام وهم جلوس بإزاء الحجر بحيث يرون الطائف من الجهات الثلاث دون الجهة الرابعة التي بين الركنين.

"أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين": لأن المشركين لا يرونهم، ومشروعية الرمل بسبب هذه المقالة؛ إغاظة للمشركين، حتى قال قائلهم: ما هم إلا كالغزلان، فهذا الرمل -الإسراع في المشي- أغاظ المشركين بلا شك، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يمشوا بين الركنين؛ ليستريحوا كما أنه لم يأمرهم بالرمل في الأشواط السبعة كلها إبقاء عليهم، رأفة بهم، وشفقة عليهم -عليه الصلاة والسلام-.

الرمل سنة شرع لعلة، وهي مقالة المشركين، لكن العلة ارتفعت، العلة ارتفعت، ما في أحد بعد ذلك الوقت يقول أن المسلمين يأتون وقد وهنهم كذا أو أضعفهم كذا، فالعلة ارتفعت، وهنا هل بقي الحكم بعد ارتفاع العلة أو ارتفع؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015