قولهم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هي قاعدة، هل هي باقية على عمومها أو لا بد من التقييد فيها؟ يعني كل ما رأينا من نص عام نحمله على عمومه أو خرج عن هذه القاعدة بعض المسائل التي لوحظ فيها السبب، وألغي العموم؟ ومتى يكون ذلك؟ نعم، وجد بعض المسائل التي لوحظ فيها السبب وألغي العموم، ذلكم فيما إذا كان العموم مخالفاً بخصوص أقوى منه يوضح ذلك المثال -هذه القاعدة لأهميتها نستطرد بذكرها وإلا لا علاقة لها بما نحن فيه- في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) في حديث عمران بن حصين.
في الحديث الآخر: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) ((صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) ظاهرة عمومه يتناول الفريضة والنافلة، لكل مستطيع، كل من يستطيع القيام لا يجوز له أن يصلي قاعداً، إذاً علامَ يحمل حديث: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم))؟ على المتنفل، كيف حملناه على المتنفل؟ لماذا المتنفل؟
من هذا الحديث، يجوز له من هذا الحديث، إذن يلزم على ذلك الدور، نحن نسأل عن هذا، لماذا حملناه على المتنفل؟ لأن المتنفل يجوز أخذاً من هذا الحديث ما سوينا شيء، ظاهر؟ أن تقول نحمله على المتنفل، نقول: نعم يحمل على المتنفل، لماذا حملنا هذا الحديث على المتنفل؟ هل في الحديث ما يدل على المتنفل، أو ظاهره يتناول الفرض والنفل؟ لكنه معارض بعموم حديث عمران بن حصين، ما الذي جعلنا نحمله على المتنفل؟ سبب الورود، سبب ورود الحديث، كون الحديث عمومه معارض بما هو أقوى منه، جعلنا نرجع إلى السبب ونقصر الحديث على سببه، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمة -يعني فيها حمى- فوجدهم يصلون من قعود، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، فسبب الورود يدل على أن الصلاة نافلة؛ لأنه ما يمكن أن يصلوا حتى يحضر -عليه الصلاة والسلام- لا يمكن أن يصلوا الفريضة إلا خلفه.