على كل حال العمدة الكبرى فيها أحاديث زائدة يستفاد منها، لكنها ليست على شرط المؤلف في الصغرى، فتنظر في العناية أولاً بالصغرى لصحة أحاديثها، وانتقاء متونها، نعم خرج عن شرطه شيء يسير؛ لأنه اشترط ألا يدخل في الكتاب إلا ما اتفق عليه الشيخان، أدخل في الكتاب بعض ما تفرد به البخاري، وبعض ما تفرد به مسلم، ووهم في بعض، وهذا شيء يسير جداً في بعض الروايات التي لا توجد عندهما.
على كل حال كتاب العمدة ليس بحاجة إلى التعريف؛ فهو معروف عند أهل العلم، مشروح من قبل جمع غفير من أهل العلم في المذاهب كلها، وإن كان صاحبه حنبلياً لكنه مشروح من قبل علماء شافعية وحنابلة ومالكية، وغيرهم، عندنا الترجمة، يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى:
كتاب الحج: الكتاب: كررنا مراراً أنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً وعرفنا أن المادة مادة الكتب، والكتابة تدل على الجمع، قالوا: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل كتيبة، وهذا كلام مكرور، يقال في كل كتاب من كتب العلم، هنا يطلق الكتاب ويراد به اسم المفعول المكتوب، الجامع لمسائل الحج، وكتاب الحج المراد به هنا المكتوب الجامع لمسائل الحج.
والحج: عرفوه في اللغة بأنه القصد، يحجون سِبَّ الزِّبرقانِ المُزَعْفَرا، يعني يقصدون.
وهو قصد مكة لأداء أحد النسكين هنا؛ لأن الحج المراد به هنا ما يشمل العمرة، لأنه أدخل أحاديث العمرة في الحج فيطلق الحج هنا بمعناه العام وهو القصد، ولذا أدرج في أحاديث هذا الكتاب أحاديث العمرة.
كتاب الحج: الحج أحد أركان الإسلام، وأحد مبانيه العظام، جاءت النصوص التي تدل على أنه ركن من أركان الإسلام، ومن أشهرها حديث ابن عمر المتفق عليه: ((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان)) هذا في المتفق عليه، أعني تقديم الحج على الصيام، وهو المرجح عند الإمام البخاري ولذا بنى كتابه على ذلك، فقدم المناسك على الصيام.