على كل حال صيام الدهر ليس بممدوح في الشرع، بل جاء النهي عنه، وقيام ليلةٍ كاملة إلى السحر لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ما كان في العشر الأواخر من رمضان على خلافٍ في ذلك، فليس من هديه -عليه الصلاة والسلام- الصيام المتتابع الذي هو صيام الدهر، وليس من هديه إحياء الليل كله، قد يقول قائل: ما دام المسألة هكذا والنبي -عليه الصلاة والسلام- نهى ابن عمرو يعني الإكثار من التعبد هل هو مشروع وإلا ابتداع؟ الإكثار من التعبد، واحد شخص يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، هذا مأثور عن سادات القوم عن الإمام أحمد، وعن جمع من أهل العلم، نقول: هذه بدعة؟ صاحب هذا الكتاب، الحافظ عبد الغني يصلي من ارتفاع الشمس إلى صلاة الظهر ثلاثمائة ركعة، نقول مبتدع؟ ويعلم الناس العلم، ويلقّن حتى الصبيان القرآن تلقين، يعني ضرب من كل باب من أبواب بسهم، وهذا أعانه على أداء هذا، فالإكثار من التعبد ليس ببدعة، ويشهد له قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) هذا ليس ببدعة؛ لكن يبقى أن الناس يتفاوتون، بعض الناس نفعه للناس أولى من انقطاعه للعبادة، وبعض الناس نفعه للناس يعني وجوده مثل عدمه، ضعيف، يقال لهذا: انصرف إلى التعبد، بعض الناس نفعه ببدنه، بعض الناس نفعه بماله أكثر، المقصود أن الأمة بمجموعها متكاملة، ومن كان نفعه للناس أعظم يقلل من هذه العبادات بحيث يتمكن من أداء أكثر ما يستطيع من نفع الناس، ولذا كان -عليه الصلاة والسلام- لو لاحظنا عبادة النبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، وهو أعبد الناس، وأخشى الناس، وأتقاهم، وأعلمهم بالله، ما أحد يشك في هذا؛ لكن هل كان يصوم صيام داود عليه السلام؟ النبي يصوم صيام داود؟ ما كان يصوم صيام داود، يصوم العشر من ذي الحجة، في الصحيح عن عائشة أنه ما كان يصومها، وإن ثبت من طريق غيرها أنه كان يصوم العشر، المقصود أنه يحث على العمل، وقد لا يفعله، وحث على العمرة في رمضان، وقال: ((تعدل حجة معي)) ومع ذلك ما اعتمر في رمضان، أولاً: من باب التيسير على الأمة والشفقة عليها، لما دخل الكعبة ندم على دخولها، ندم على دخولها هل هذا لأن دخول الكعبة ما فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015