يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى في الحديث الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقدموا رمضان)) الأصل ((لا تتقدموا رمضان)) يعني بأن تصوموا قبله بيوم أو يومين، ((لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين)) وهذا النهي إنما ينهى من صام آخر شعبان، آخر يوم أو يومين من شعبان للاحتياط، بنية الاحتياط لرمضان، خشية أن يكون من رمضان، وهو لا يشعر، هذا جاء النهي عنه، جاء النهي عنه، والاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور، فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، كما قال شيخ الإسلام، ((لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين)) لأن عندنا عبادات شرعية محددة، معلومة الأول والآخر، مبنية على وسائل شرعية، لا بد من رؤية الهلال، أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، فإذا رؤي الهلال لزم الناس الصيام، كما سيأتي، وإذا أكمل الناس شعبان ثلاثين يوماً صام الناس، أما أن يقال: يصوم الناس احتياطاً، الناس ما رأوا الهلال، احتمال أن يكون ظاهر وهو ما ظهر؟ لا، هذا هو الاحتياط الذي جاء النهي عنه، عندنا وسائل شرعية، يلزمنا العمل بها ولو أخطأنا في تطبيقها، لو أخطأنا في تطبيقها، افترض أن الهلال ظاهر؛ لكن ما رآه أحد، وعلق الأمر بالصيام برؤية الهلال، ثم بعد ذلك لما أتممنا ثمان وعشرين يوم رأينا هلال الفطر، هل نكون فرطنا بشيءٍ من ديننا أو أثمنا؟ لا، عندنا مقدمات شرعية لا بد من توافرها، ليس هذا ناتج عن تفريط، لا أبداً، فالصيام عبادة معروفة الأول والآخر مبنية على وسائل شرعية، كما أن القاضي إذا حكم بالبينة والمفترض في البينة أن يكونوا ثقات، إذا تحرى وشهد عنده الثقات وقبل شهادة هؤلاء الثقات وحكم بموجب شهادتهم ولو أخطأ، ولو كذبوا في شهادتهم؛ لأن المسألة مفترضة في ثقات، والثقة معروف أنه ليس بمعصوم، قد يخطئ، المقصود أن الحكم صحيح، ولذا جاء في الحديث الصحيح: إنما أنا بشر أقضى على نحو ما أسمع، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي، فلنفترض أن القاضي مثل أمامه شخصان، مدعي ومدعى عليه، فأحضر المدعي شاهدين، تحرى القاضي في أمر الشاهدين وغلب على ظنه أنهما ثقتان، وحكم بموجب ذلك، ثم تبين بعد ذلك أن