فالروايات المتفق عليها فيها تقديم الحج على الصيام، وعلى هذا بنى الإمام البخاري -رحمه الله- تعالى ترتيب كتابه، فقدم المناسك والحج على الصيام، فالبخاري -رحمه الله- تعالى بنى كتابه، ترتيب كتابه على الرواية التي خرجها المتفق عليها في تقديم الحج على الصيام، ومسلم كغيره من عامة أهل العلم مشى على تقديم الصيام على الحج، والأكثر على أن الصيام أهم من الحج، وأعظم من الحج، والبخاري في تقديمه الحج على صوم رمضان يفهم منه أن الحج عنده أعظم من الصيام، وباللفظين جاء الخبر الصحيح، كيف يروي ابن عمر الحديث ويقدم الحج على الصيام ويخرج عنه في الصحيحين؟ وينكر على من رد عليه في صحيح مسلم تقديم الصيام على الحج؟ قال: "لا، صوم رمضان والحج" فأهل العلم يقولون: أن ابن عمر يروي الحديث من الوجهين، سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- بتقديم الصيام مرةً وبتقديم الحج مرة، وخرجه العلماء على هذا الأساس، وأن كل منهما صحيح، ومعروف في العربية أن الواو لا تقتضي ترتيب، إذاً ما دام على الوجهين عند ابن عمر كيف أنكر على من قال له: الحج وصوم رمضان، أنكر عليه أن يتدخل ويستدرك ما لا علم له به، ابن عمر عنده خبر أنه مرةً قدم هذا ومرةً قدم هذا، ورواه على الوجهين؛ لكن بعض الناس يرد ما لا يعرفه فمثل هذا يؤدب، كأن ابن عمر قال له: أنا أعرف منك، أنت سمعت الخبر من طريقي، والحديث عندي على الوجهين فلا ترد علي، خلي مرةً أروي على هذا ومرةً أروي على هذا، فإنكاره عليه من باب تأديبه وزجره، ومنهم من يقول: يحتمل أن ابن عمر نسي، هو يرويه عن الوجهين، ونسي الوجه الثاني لما رد على من استدرك عليه، ونسي الوجه الثاني لما استدرك عليه المستدرك، وعلى كل حال الوجهان صحيحان، والأكثر على تقديم الصيام، والرواية المتفق عليها بتقديم الحج، والحج شأنه عظيم، لو لم يكن فيه إلا قول الله -جل وعلا-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] خطر عظيم الذي يجد، ويستطيع الحج ولا يحج، وجاء عن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى الأنصار أن ينظر إلى من كانت عنده