"فقيل: منع ابن جميل" وعلى هذا الساعي يبلغ ولا يلزم، يبلغ من له الأمر والنهي عمن امتنع من دفع الزكاة، وليس له أن ينفذ "منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني منعوا الزكاة رفضوا أن يؤدوا الزكاة لعمر -رضي الله عنه-، وهل عمر عاجز عن أن يأخذ منهم الزكاة بالقوة؟ ليس بعاجز -رضي الله عنه وأرضاه-، لكن الأمور إنما تؤتى من أبوابها، ومثل هذه الأمور والإلزام وترتيب الآثار على الأحكام إنما ينوء بها ولاة الأمر، فعمر -رضي الله تعالى عنه- لما امتنعوا عن دفع الزكاة أخبر بذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو المنفذ -عليه الصلاة والسلام-، هؤلاء الثلاثة ابن جميل الشراح يقولون: لا يعرف اسمه، والعباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وخالد بن الوليد، ماذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ إذا كانت المسألة تنحل بالأسهل تحل بالأسهل، تحل بالكلام إذا أمكن، إن لم يمكن الكلام فبالفعل، ونزل النبي -عليه الصلاة والسلام- كل واحد من هؤلاء الثلاثة منزلته، والناس يتفاوتون ويختلفون في المعاملة، يعني شخص بذل نفسه وماله لله ولدين الله وحصل منه شيء تختلف معاملته عن شخص لا يعرف أنه يؤدي أكثر مما يجب عليه.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما ينقم ابن جميل)) " إيش يعتب ابن جميل؟ ماذا يعتب ابن جميل؟ ليس له عذر، اللهم إلا أن يكون كونه فقيراً فأغناه الله، وهذا تأكيد للذم بما يشبه المدح، يعني ليس له عذر إلا هذا، تأكيد للذم بما يشبه المدح، كان فقيراً يتكفف الناس فأغناه الله -جل وعلا-، ثم منع الزكاة، ما عنده عذر إلا هذا، وتأكيد الذم بما يشبه المدح، وعكسه تأكيد المدح بما يشبه الذم معروف:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب