وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفاً ولا قرؤوا ما خُط في الكتبِ
والمقصود به هنا المكتوب، المصدر يقصد به اسم المفعول، المكتوب الجامع لمسائل الطهارة.
والطهارة مصدر طهر يطهر طهارة، والتطهير مصدر طهر، والمقصود بها النزاهة والنظافة، والإسلام -ولله الحمد- دين النظافة، لكنه من غير مبالغة ولا وسوسة، دين نظافة بالاعتدال، وإن جاء في المقابل مما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((البذاذة من الإيمان)) يعني عدم المبالغة في الطهارة بحيث يصل إلى حد وسوسة، فالتوسط في الأمور كلها هو الجادة، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة] هذا بالنسبة للأمة، وبالنسبة لأهل السنة والجماعة وسط بين المذاهب كلها، فالأمة وسط بين اليهود الذين كُتب عليهم ما كتب من الآصار والأغلال بحيث تقرض النجاسة بالمقراض، ولا يطهرها الماء، وبين النصارى الذين يزاولون بعض النجاسات، بين من لا يضاجع المرأة التي تلبست بالحيض، وبين من يجامعها، فالأمة وسط -ولله الحمد- في هذه الأبواب كلها، وقد أسلم شخص أمريكي غسال يغسل الثياب من غير دعوة، فقيل له في ذلك، قال: السبب الذي دعاني إلى أن أدخل في الإسلام ما أجده من فرق بين واضح بين ثياب المسلمين وثياب غيرهم، المسلمون مأمورون بالاستنجاء بقطع أثر النجاسة وغيرهم لا يتدين بدين، أو يتدين بالنجاسات، ممكن، فهناك فرق بين ملابس المسلمين وملابس غيرهم، تشاهدون الكفار يقف أمام ما يريد أن يقضي حاجته ويلبس سراويله ولا كأن شيئاً صار، والمسلم لا بد أن يستنجي بالماء يقطع أثر النجاسة، أو أقل الأحوال أن يستجمر بالأحجار، المقصود أن ديننا -ولله الحمد- دين النظافة، والمقصود بالطهارة رفع الحديث الذي هو الوصف القائم بالبدن بسبب خروج ما يوجب هذه الطهارة من حدث أكبر أو أصغر، فالطهارة شاملة للحدث الأكبر والأصغر، فالأصغر يرفع بالوضوء أو بالتيمم، والأكبر يرفع أيضاً بالغسل أو بما يقوم مقامه من التيمم.