ومنهم من يقول: إن كان الميت قد صلي عليه في بلده فلا صلاة على الغائب، وإن كان الميت لم يصلَ عليه في بلده شرعت الصلاة كما في هذا الحديث، منهم من يقول: إذا كان الميت عُلم بموته في اليوم الذي مات فيه، كما هنا "في اليوم الذي مات فيه" صلى عليه غائباً، وبعده لا يصلى عليه، ولا شك أن هذا جمود على اللفظ، منهم كابن حبان من يرى أنه يصلى على الغائب إذا كان في جهة القبلة، أما إذا لم يكن في جهة القبلة فإنه لا يصلى عليه، كيف تجعل الميت وراء ظهرك وتصلى عليه؟ كيف تجعل الميت عن يمينك وشمالك وتصلي عليه؟ إن كان في جهة القبلة تصلي عليه، أخذاً من قصة النجاشي، يعني لو تصورنا أن المدينة شمال شرق بالنسبة لمكة، والحبشة تكون في الجنوب الغربي، وحينئذٍ تكون على سمت المدينة عند استقبال القبلة، نعم، واضح كونها جهة القبلة، واضح جداً، يعني لو تصورنا أن هذه هي الكعبة مثلاً، هذه هي مكة، الكعبة هنا، في هذه النقطة، والمدينة هنا، والحبشة من وراء البحر من هنا، نعم، هكذا، تصورنا أن هذه مكة، وهذه هي المدينة، وهذه هي الحبشة، فلو مددنا خطاً مستقيماً لجاءت في جهة القبلة، وهذا اختيار ابن حبان، لكن إذا ثبت الحكم أصل المسألة فلا داعي لمثل هذه التفصيلات، ولذا يرجح قول من يقول بصحة الصلاة على الغائب لا سيما بالنسبة لمن له أثر في الدين، أو على الشخص على أقل الأحوال، يعني توفي شيخ، وتوفي أبوه، ولو لم يصلَ عليه، لكن من حقه عليك أن تصلي عليه، ومن حق من له أثر في الدين من حقه على الأمة أن يصلى عليه، كما في قصة النجاشي، فالمرجح أن الغائب يصلى عليه إذا كان له ميزة تقتضي ذلك، وأما سائر الناس فلا، المقصود أن له حق، له حق عليه يصلي عليه لا بأس.

طالب:. . . . . . . . .

كأنهم نقلوا الاتفاق على الأربع فيما بعد، بعد الخلاف الطويل الذي من تسع إلى ثلاث تكبيرات، ابن عبد البر نقل الاتفاق على الأربع بعد ذلك، على كل عمدته الأقوال السابقة قبل ذلك، والخلاف في مسألة انعقاد الإجماع بعد وجود الخلاف مسألة خلافية بين أهل العلم، هل يثبت الإجماع بعد الخلاف، وهل تموت الأقوال بموت أصحابها؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، وكل له ذلك -إن شاء الله-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015