وهذا حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما، والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح" المؤلف وهو من الحنابلة، من أئمتهم المعروفين، يريد ويقصد من إيراد حديث ابن عباس وحديث عائشة تخصيص الحديث ((فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود)) رواه الجماعة إلا البخاري، ولو كان الحديث على شرطه لأورده قبلهما، لكنه أورد مفردات مسلم، على كل حال هذا الحديث صحيح، القطع بمرور الثلاثة صحيح، والمؤلف يريد استثناء الحمار، وإخراجه من عموم الحديث، ويريد استثناء المرأة من شمول الحديث لها، وعرفنا ما في الحمار أنه لا يستثنى من الحديث إلا لو كان مروره بين مصلي وبين سترته، والإمام سترة لمن خلفه، ومنهم من يطلق سترة الإمام سترة من خلفه، فالمأموم لا يطلب له سترة، وعلى هذا للإنسان أن يمر بين يدي الصف، لا سيما إذا دعت الحاجة إلى ذلك، أحياناً في الحرمين الشريفين يحتاج الإنسان إلى أن يمر بين يدي الصف، ولا أثر له في صلاة المأمومين، فلا يتم الاستدلال بالاستثناء إلا لو مر بين يدي منفرد أو إمام، وكذلك حديث: "عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني" طعن بأصبعه في رجلها "فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما" الحجرة ضيقة، لا تستوعب واحد يصلي وواحد نايم، وهنا نتصور عيشه -عليه الصلاة والسلام-، أفضل الخلق، وأشرف الخلق، في غرفة لا تستوعب نائماً ومصلياً "كنت أنام" وهذا يدل على أنه تكرر هذا، والصيغة للاستمرار "بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني" ويحتمل أن يكون بحائل، يعني مستترة، ويحتمل أن يكون بدون حائل، لكن من غير شهوة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يملك إربه "فإذا سجد غمزني، فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما" تحتاج إلى بسط الرجلين "والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح" هذا اعتذار منها؛ لأنه قد يقول قائل: لماذا ما تكف الرجل وتبسط من غير غمز؟ ما تدري هو راكع وإلا ساجد وإلا قائم وإلا .. ؟ لأنها ليس فيها مصابيح، ليس فيها إضاءة ولا