نعم مكروه أن يشبك بين أصابعه، لا في الصلاة ولا في انتظار الصلاة، وأما ما بعد ذلك فالأمر فيه سعة، إلا لمن ينتظر الصلاة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما قام إلى الخشبة المعروضة، وشبك بين أصابعه، وخرجت السرعان، العطف بالواو لا يقتضي الترتيب، فقد يكون خروجهم قبل قيامه، كما يلاحظ على بعض الناس، كأنه طير في قفص، مجرد ما يسمع الإمام يقول: السلام عليكم ورحمة الله يقوم، ولا يدرى ما الذي أعجله؟ هل هناك حاجة لهذا القيام؟ لا بأس، لكن في الغالب أنه لا حاجة، وقل مثل هذا في الذين يمشون يجوبون الشوارع في سياراتهم بسرعة متناهية، طيب وواحد من الفضوليين يقول: "ودي بس أشوف ها اللي طاير شو بيزيين لو وصل بيته؟ " ما هذا الأمر الذي يفوت؟ وقل مثل هذا فيمن إذا سلم الإمام قام، هذا يوحي بعدم الرغبة في الخير، الملائكة تصلي على المصلي ما دام في مصلاه، هل أنت غني عن هذا الدعاء، اللهم اغفر له، اللهم أرحمه، أنت بأمس الحاجة لمثل هذا الدعاء، فما الذي يعجلك؟
"خرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة" قَصُرت وضبطت، بـ (قُصِرت) إضافة القصر إلى الصلاة نفسها، قصرت الصلاة، وإضافة القصر إلى المجهول، إسناد القصر إلى المجهول، والذي قصرها هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلما حذف قصرت الصلاة، على الرواية الثانية، يعني قصر النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة، بل نزل أمر أو خبر جديد بمشروعية قصر الصلاة في الحضر، هذا التردد الذي حصل سببه ما حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلاة رباعية ركعتين، هذه صفة الصلاة المقصورة.
"قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه" النبي -عليه الصلاة والسلام- له هيبة عظيمة، مع أنه من أحسن الناس وأطيبهم خلقاً، والهيبة ليس مردها إلى الخوف، بل مردها التعظيم، والتعظيم لا يلزم أن يقترن بقوة، كما يقول الشاعر:
أهابكِ إجلالاً وما بكِ قدرة ... عليّ ولكن ملء عين حبيبها