جبير بن مطعم بن عدي لما جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في فداء الأسرى، يكلمه -عليه الصلاة والسلام- في فداء الأسرى، فسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في المغرب بسورة الطور، هذا قبل أن يسلم حال كفره، فسمع النبي -عليه الصلاة والسلام- في المغرب بسورة الطور، ويقول: وكان ذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي، هو جاء غير مسلم، وانصرف ولم يسلم، لكنه بدأ الإيمان يدب إلى قلبه؛ لأنه سمع كلام مذهل، لا شك أن العربي الذي على سليقته لا يملك نفسه، إذا سمع مثل هذا الكلام، بخلاف أحوال المسلمين الآن لا يتذوقون القرآن، ولا يستشعرون عظمة القرآن، وكأن القرآن كغيره من الكلام، القرآن عظيم، وهو كلام الله، وثقيل أيضاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا أنزل عليه في الليلة الشديدة البرد يتصبب عرقاً من عظم ما يلقى إليه {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [(5) سورة المزمل] ثقيل، فمن يستشعر هذه العظمة، وهذا الثقل؟ من منا من يلقي بالاً لقوله -جل وعلا-: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر] في أحد يلقي لها بالاً؟ والله هذه عند كثير من المسلمين لا تحرك شعرة، ولا يستشعر لها شيء، وزرارة بن أوفى في صلاة الصبح لما سمعها مات، بدون مبالغة، ولا هو بتمثيل هذا، ولا يمكن إنكاره؛ لأن بعض الناس إذا سمع مثل الكلام قال: ما هو بصحيح، هذا تمثيل، وسبقهم إلى ذلك ابن سيرين -رحمه الله-، يقول: الذي يصعق ويغمى عليه ويغشى عند قراءة القرآن، اجعلوه فوق جدار، واقرؤوا القرآن إن طاح إن سقط فهو صادق، لكن ما هو بصحيح هذا الكلام، هذا ثابت مقطوع به، وكثُر في التابعين، وأقره أئمة الإسلام؛ لأن الإنسان قد يغلب على أمره، لماذا؟ لا شك أن القرآن عظيم وثقيل، وأنزل على قلب قوي، قلب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسمعه الصحابة، وهم من أقوى الناس قلوباً، وأمتنهم ديانة، فإذا نزل القوي على شيء قوي صار له أثره العملي، وتحمله ذلك القلب القوي، لكن بعدهم تستشعر عظمة القرآن، وضعفت القلوب التي تحتمل هذه العظمة وهذه القوة فحصل ما حصل، ثم بعد أن خلف خلوف لا يستشعرون قوة ولا عظمة مع ضعف القلوب، قال: لماذا لا يتأثرون؟ ما استشعروا