((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) عرفنا المذاهب في قراءة الفاتحة، والخلاف الطويل في المأموم، والنصوص هنا من أصح الأدلة في الصحيحين وغيرهما ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) والذين لا يرون القراءة على المأموم يستدلون بأدلة منها: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] وفي حديث الإتمام: ((وإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا ركع فاركعوا)) المقصود أن المسألة أن الأدلة كثيرة جداً، والمسألة من عضل المسائل، وألف فيها أيضاً (القراءة خلف الإمام) وللإمام البخاري -رحمه الله تعالى- (جزء القراءة خلف الإمام) وللبيهقي (جزء القراءة خلف الإمام) المقصود أن فيها مؤلفات، والخلاف فيها قديم، والأدلة المتعارضة تكاد أن تكون متكافئة، والترجيح يكاد يكون بالقشة، كثير من الناس يستروح إلى ترجيح بعض الأقوال دفعاً للحرج، بعض الناس يقول في التراويح مثلاً، أو في الصلاة الجهرية والإمام ما يتنفس يواصل القراءة، وكثير من الناس ما يقدر يقرأ، لو بغى يقرأ ما استطاع، ما يجمع الفاتحة بعض الناس، والإمام يجهر، هذا صحيح واقع، لكن مثل هذا إذا عجز معذور، العاجز معذور، بعض الناس يقول: الإمام ما يمكنا من قراءة الفاتحة، يركع قبل أن نقرأ، نقول: هذا بحكم المسبوق، لكن يبقى أن الحديث نص صحيح صريح شامل لكل مصلٍ، وإذا أخرجنا المسبوق في حديث أبي بكرة، يبقى الإمام والمأموم والمنفرد كلهم داخلون في هذا الحديث، وجاء ما يخص الفاتحة خلف الإمام ((ما لي أنازع القرآن؟ لعلكم تقرؤون خلف إمامكم)) قالوا: نعم، قال: ((لا تفعلوا إلا بأم الكتاب)) وهذا نص في المأموم، على كل حال المسألة الترجيح فيها من الصعوبة بمكان، والأدلة من الطرفين كلها فيها قوة، وإذا رجح الإنسان، أو قلد من يرجح وجوب الفاتحة لزمه أن يقرأ؛ لأنه يعمل ما يدين الله به ويعتقد، لزمه أن يقرأ خلف الإمام، ولو جهر الإمام، وإذا ترجح عنده واستروح ومال إلى القول الآخر، ورأى أن المأموم عليه أن ينصت، وعليه أن يستمع له ذلك، وجاء في حديث أبي هريرة: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج)) خداج يعني ناقصة، نعم.
عفا الله عنك.