وهنا شبه الذنوب والخطايا بالأمور المحسوسة، بحيث توجد في مكان يطلب أن يكون بعيداً كبعد المشرق عن المغرب، وأن تكون هذه الأمور المشبهة بالمحسوس كأنها على بقعة بيضاء، يأتي عليها المنظفات فتزيلها، هذا السكوت الذي بين تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة، سكتة تستوعب دعاء الاستفتاح بالنسبة للإمام والمأموم، وهناك سكتة أخرى إذا فرغ من القراءة كلها، وقبل الركوع يسكت، لا يشبك تكبيرة الركوع بالقراءة، هذا موضع سكوت، وجاء به الخبر، وهناك سكتة ثالثة جاءت في بعض الروايات، وهي بعد قراءة الفاتحة بالنسبة للإمام، يسكت حتى يتراد النفس عنده، ومنهم من يقول: إنه يسكت ليتمكن المأموم من قراءة الفاتحة، لكن سكتة تكون طويلة بقدر قراءة الفاتحة، ولا تنقل نقلاً متستفيظاً هذا فيه ما فيه؛ لأن منهم من يقول: إن على الإمام أن يسكت حتى يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة؛ لئلا ينازع القرآن، ولكي يأتي المأموم بما أمر به، قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تتم إلا بها، وإذا قلنا بهذا قلنا: ما لا يتم إلا الواجب إلا به، ولا يتم التوفيق بين النصوص، بين وجوب الإنصات، وبين وجوب قراءة المأموم إلا بسكوت الإمام، ولذا قال النووي: يسكت قدر قراءة المأموم الفاتحة، يستحبونها استحباباً، والأثر الذي يدل عليها فيه مقال، نعم.
عفا الله عنك.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي قاعداً، وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقبة الشيطان، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السُبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم.