"وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري" نسبة إلى بدر، والجمهور على أنه لم يشهد بدراً، وإنما سكن بدراً، ونزل فيها، فنسب إليها "قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا" يطيل بهم، يقرأ البقرة مثلاً، وفي الثانية آل عمران "فما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذٍ" لأن المطلوب من الإمام أن يتألف الناس، الداعية مطلوب منه أن يتألف الناس، العالم مطلوب منه أن يتألف الناس، الإمام يتألف الناس على هذه الصلاة، لا ينفر الناس، لا يكون سبباً لترك الناس لهذه الشعيرة العظيمة، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، فما رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذٍ، النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءه من يطلب النصيحة، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تغضب)) فكرر عليه فقال: ((لا تغضب)) فكرر عليه قال: ((لا تغضب)) نعم إذا انتهكت محارم الله غضب، ولا شك أن هذا الصنيع يؤدي إلى الانتهاك، وما يؤدي ويؤول إلى الشيء حكمه حكمه "فما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب في موعظة أشد مما غضب يومئذٍ، فقال: ((يا أيها الناس إن منكم منفرين)) " ما قال: يا فلان، فليس من عادته التشهير بالأفراد، بل ينفر من العمل الذي تقع فيه المخالفة، وأما بالنسبة للمخالف إن أمكن نصحه سراً فهذا هو المطلوب، وإن لم يمكن إلا جهراً فليعمم، وإذا رأى الإمام تعميم النصيحة بهذه المخالفة لأنها ظاهرة، أو يخشى أن تكون ظاهرة يعمم في الكلام ((ما بال أقوام)) وهنا: ((يا أيها الناس إن منكم منفرين)) ما قال: فلان وفلان المنفر الفاعل التارك، وعلى هذا يتحرى في مثل الخطب والمواعظ والتوجيه للناس أن يكون فيه شيء من التعميم، بحيث لا يحرج من وقع في خطأ، والنصيحة كل ما أمكن أن تكون سراً هو الأصل؛ لأنها أدعى إلى القبول، وقد يترتب على الجهل بالإنكار مفسدة أعظم مما يترتب عليه من المصلحة، لكن البيان لا بد منه، لكن بالطرق المناسبة.