وعن عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري -رضي الله عنه- قال: حدثني البراء وهو غير كذوب، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهر حتى يقع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساجداً، ثم نقع سجوداً بعده.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن عبد الله بن يزيد الخطمي" من الأنصار -رضي الله تعالى عنه- قال: "حدثني البراء وهو غير كذوب" يصف الصحابي بأنه غير كذوب، أيهما أولى أن يوصف الصحابي بأنه غير كذوب أو غير كاذب؟ غير كاذب؛ لأن وصفه بأنه غير كذوب لا ينفي أن يكون كاذباً؛ لأن المنفي عنه المبالغة، لكن هذا مراد أنه ينفي المبالغة، ويثبت ما دونها، لا، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [(46) سورة فصلت] نفي المبالغة في مثل هذا لا يقتضي إثبات ما دونها، {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [(40) سورة النساء] يعني مقتضى الصيغة إذا نفينا المبالغة، مقتضاها أن نثبت ما دونها، إذا قال: غير كذوب لا يمنع أن يكون كاذب؛ لكنه لا يستحق الوصف بالمبالغة، وإن استحق أصل الوصف بالصفة، لكن هذا غير مراد، ليثبت صدق الصحابي، مع أن الصحابي ليس بحاجة إلى مثل هذا التنصيص؛ لأنهم كلهم عدول ثقات.
قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قال" هذا ديدنه، (كان) تدل على الاستمرار "إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره" يعني لم يتهيأ أحد للسجود، بل يستمر قائم "لم يحنِ أحد منا ظهره حتى يقع -صلى الله عليه وسلم- ساجداً" يعني لا يسجد أحدهم قبله ولا يوافقه في السجود، بل إذا وقع -عليه الصلاة والسلام- ساجداً ثم نقع سجوداً بعده، إذا شرع في السجود وباشر السجود ووصل إلى الأرض سجدنا، قال: سمع الله لمن حمده، بعض الناس بمجرد ما يقول: سمع الله لمن حمده يهوي إلى السجود، وتزول بذلك الطمأنينة التي نص عليها في كل ركن من أركان الصلاة في حديث المسيء، كما سيأتي، فلا يجوز للمأموم أن يهوي إلى السجود حتى يقع إمامه على الأرض، إذا اطمأن على الأرض يحني ظهره، نعم.
عفا الله عنك.