"أن جدته مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" نأتي إلى السند المؤنن هنا، إذا قلنا: إن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة يروي القصة عن أنس كما هو مقتضى (عن) أن جدته مليكة فهل نقول: إن إسحاق يروي قصة لم يشهدها أو يروي قصة عمن شهدها، وإذا قلنا: إن جدته، وإذا قلنا: إنه يروي القصة عمن شهدها فتكون الجدة جدة أنس، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن جدته، انتبهوا يا الإخوان إلى صيغ الأداة، الآن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، كما قلنا في حديث محمد بن حنفية عن عمار أو أن عماراً مر بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، في التفريق بين السند المعنعن والمؤنن، الآن هذه قصة مليكة دعت النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى طعام، فمن الذي يروي هذه القصة؟ هل الذي يرويها أنس وإسحاق يرويها عن أنس كما هو مقتضى (عن)؟ فيروي القصة عمن شهدها، فيكون الكلام كالصريح بأن الجدة جدة أنس، إذا كان يروي القصة عن أنس وهذا ما تقتضيه (عن) الصيغة الصريحة، أيضاً ما كل ما جاء بلفظ (عن) يدل على الرواية، ننتبه لهذا، قد يأتي الراوي بـ (عن) ولا يقصد بها الرواية، مثال ذلك؟ ما جاء عن أبي الأحوص أنه خرج عليه خوارج فقتلوه، هذه رواية عنه أو عن قصته؟ نعم؟ نعم عن قصته وليس طريقها الرواية هذه أبداً؛ لأنه قتل كيف يروي؟ فهل نقول: بأن المراد بـ (عن) هذه الرواية أنه يروي هذه القصة عن أنس، وأن جدة أنس مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذٍ يستقيم السياق؟ وإذا قلنا على القول الثاني وهو الذي يرجحه المؤلف بإيراده ذكر التابعي أن الجدة جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، إلا أن يكون الضمير التفت فيه من التكلم إلى الغيبة، فيكون أن جدتي مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لا نطيل في هذا لأن الشراح كلهم ما توصلوا إلى نتيجة بينة، والخلاف قائم؛ لأن عود الضمير في جدته يحتمل، وهي جدة لإسحاق مؤكد، لكن هل هي جدة لأنس بن مالك هذا الكلام.