"وكان يوتر على بعيره، ولمسلم: غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة" بل يلزمه أن يصلي المكتوبة على الأرض بركوعها وسجودها، ولا يتنازل عن شيء من أفعالها من أركانها وواجباتها، اللهم إلا عند الحاجة الشديدة والعذر، ففي حديثه عن ابن مرة في السنن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته، والسماء من فوقهم، والبلة من تحتهم -يعني الأرض طين- والمطر ينزل، فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام، ثم تقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء، يعني كما يفعل في النافلة، فالحاجة إذا دعت إلى ذلك لا مانع أن يصلوا على رواحلهم، وقل مثل هذا إذا كان المسافة بعيدة، وهم في طائرة، أو في باخرة لا يمكنهم النزول، فيصلون على حسب حالهم في الطائرة، أو في الباخرة على أن يؤدوا الصلاة على أكمل وجه ممكن، نعم.
عفا الله عنك.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: بينما الناس في قباء في صلاة الصبح إذا جاءهم آتٍ، فقال لهم: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
النبي -عليه الصلاة والسلام- لما هاجر إلى المدينة مكث ستة عشر أو سبعة عشر شهراً يصلي إلى بيت المقدس، وكان يود -عليه الصلاة والسلام- أن تحول القبلة إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] والصحابة يعرفون هذا أنه كان يرغب أن تحول القبلة، فحولت القبلة إلى الكعبة، فمن بلغه الناسخ عمل به، لا سيما من كان معه في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، منهم من بلغه الخبر بعد فرض واحد في صلاة العصر، فجاء من يخبرهم وهم في صلاتهم أن القبلة قد حولت فاستداروا كما هم، وأما أهل قباء، لم يبلغهم الخبر إلا في صلاة الصبح من الغد، في هذا الحديث يقول: